-A +A
علي بن محمد الرباعي
شقشق نور الصبح على رؤوس الجبال، فيما السكون يعمّ القرية، عدا ما ينبعث هنا وهناك من أصوات ديكة، وثغاء أغنام سارحة للمرعى. كان (أبو علي) يحتلج، يجيء، ويروح على مرقد ابنه (علي). قم يا ولدي قام حظك، أصبحت. بتحترّ علينا الشمس، وما نعرف نحتطب. أقسم (علي) ما يزوعها من فوق فراشه لين يربط له أبوه لحيته بأنه يزوجه. صاح الشايب «يا طافي الشِرّة النسوان أبين منك، زوّجتك بنت أخي، وافلحت من عندك ما غلّق الدور. زوجتك بنت الموذّن وبغيت تهب لنا فضيحة لو ما ستر ربي علينا».

استقعد (علي) ولزم طرف ثوب الشايب، وقال له اقعد لاهنت، وسأله: إنته وش تشوفني في عينك؟ أجاب ساخراً «كما قُلّة شدا. يا حافظ يا عقايل الله» علّق: ما دام إني كما شدا وراك ما تلمح لي مرة أكمّل بها نُص دِيني؟ قال الأب «و من هي المغزولة اللي بتاخذك وإلا بتلتفت فيك بطرف عينها، لا حال ولا حلال. وبعدين ايدك ما بعد خرقت العصاة، منيه لين يشتي الخريف وخير».


طلب منه يُرش وجهه بجغمة ماء ويلحقه، فيما نزل الأب ليضع الشداد والمناقل فوق ظهر جملهم (حمران) ما أضحت إلا وهم في أسفل وادي قرضه، رائحة الحبق وخرير الماء تنعش الروح. الشايب يقلّع حطب القرض، ويدربيه، وعلي يشيل ويقرّب من موقع التحميل، فيما علّق جملهم بالطلح يجمط من ورقه.

كانت عين (علي) راكزة في بيت شعر طرف الوادي، وما به بطا حتى أقبل عليهم رجّال فيه شوفة الخير. سلّم وحيا العرب، وأقسم عليهم يتقهوون معه ويتفاولون من مقسوم الله.

دخلوا البيت، وأقبلت عليهم شابة مكحولة بالدلّة. فغر (علي) وانكب فنجال القهوة على ثوبه. كأنما عرف أبوها أن الولد يشبر الزواج، فبادره: يا احضري، إن طرحتها فهي من نصيبك، وإن طرحتك فيا عيب ويا شق الجيب تصير زوج حرمة أقوى منك.

قام (علي) واشترط ياخذ الدُخلتين، ومع نتعته (نسّم صوت) جعل أبوه يدنّق برأسه، والشرقي يرد عمامته على أنفه، ويردد «هبّ يا الهمل» فيما اشتالته البنت، ورضخت به على الأرض الصخرية، وإذا به يصيح يا ظهري ظهراه. للحديث بقية. وسلامتكم.