-A +A
مي خالد
كأن الحروب في منطقتنا تتناسل وتنجب منذ عرفها التاريخ وقسمتها الجغرافيا.

الحرب تغير ثيابها وحدودها فهي كل يوم لسبب مختلف وكل يوم في بلد جديد.


الشرق الأوسط اليوم خشبة مسرح لعروض حربية نشطة تشارك فيها القوات المسلحة الأمريكية والروسية والإسرائيلية والأوروبية بالإضافة إلى القوات الإقليمية.

وبالأخص في منطقتنا العربية، وهناك مجموعة كبيرة من الأسباب التي دفعت المنطقة لهذه المآلات. سأحاول جمعها في هذا المقال القصير، أول الأسباب هو ما يعتقده البعض أن سبب هذا الوضع مؤامرات الولايات المتحدة وإسرائيل فهما تسعيان لإبقاء المنطقة منشغلة ومشتعلة في حروب وصراعات مستمرة من أجل الحفاظ على إسرائيل مستقرة وآمنة. وهذا أمر أستبعد نجاحه لهذا الحد، فرغبات إسرائيل ومشيئة أمريكا لا يمكنها أن تتم طوال الوقت وتنجح كما نرى. فهما في نهاية المطاف قوتان بشريتان وليستا قوة الله العظيم الذي يقول كن فيكون.

وهناك سبب آخر محتمل للوضع الحالي في منطقتنا العربية وهو الانقسامات العرقية والدينية بما في ذلك الانقسامات الطائفية داخل الإسلام نفسه بين السنة والشيعة، بالإضافة إلى رغبة كل طرف بالسيطرة على الطرف الآخر.

ولا يمكن تجاهل سبب مهم جدا، هو على قائمة الأسباب، أعني الاحتياطات النفطية الهائلة في الشرق الأوسط التي تدعو جميع الدول للتدخل في المنطقة كحلفاء لجانب دون جانب آخر، فإن حقيقة تداول النفط في سوق عالمية تعني أن انقطاع العرض أو رفع السعر في منطقة واحدة من العالم يتسبب في حدوث اضطراب في أسعار الوقود على نطاق واسع من العالم.

السبب قبل الأخير هو أن هناك دولة عربية صغيرة جدا في الشرق الأوسط بميزانية كبرى وجنون كبير يجعلها تطمح لدور قيادي في المنطقة فتتسبب في إشعال المنطقة كل حين عبر استعداء المستعمر الفارسي أو التركي الطامحين للتوسع واستعادة أمجادهما.

أخيرا والسبب الأكثر منطقية بالنسبة لي هو زوال الإمبراطورية العثمانية «الرجل المريض»، ثم خروج الاستعمار ووضع حدود جديدة. عادةً، بعد انهيار إمبراطورية كبيرة، فإن البلدان التي نشأت بعدها لن تصبح مستقرة لمدة طويلة جدا، عقود بل وقرون. على سبيل المثال، بعد انهيار الإمبراطورية الرومانية، كانت أوروبا في حروب دموية لمدة ألف عام!