-A +A
منى العتيبي
أصدرت وزارة الداخلية أخيراً مذكرة الذوق العام، وأفادت مصادر بأن وزارة الداخلية منحت جهات الضبط في الوزارات والهيئات العامة والحراسات الأمنية المرخصة صلاحية ضبط مخالفات الذوق العام وتوثيق بياناتها، ويعد هذا العمل بادرة نظامية جميلة تسهم في حفظ الخصوصية واحترامها في الأماكن العامة.

وتأخذنا عبارة الذوق العام إلى ما تعلمناه وتلقيناه في الشريعة الإسلامية من الآداب العامة والتعاملات السلوكية الإنسانية مع الآخرين وإلى ما حث به ديننا الحنيف من احترام الأماكن العامة والالتزام بآدابها، ولكننا مع هذا نجد في الأماكن العامة من لا يحترم آدابها ولا يهتم لأنظمتها بالرغم من أننا نجد الشخص نفسه خارج الوطن يلتزم بقوانين وآداب الدولة التي يذهب إليها.. هذا النقيض يكشف لنا أن ما نتعلمه وما نتلقاه لا يمكن الالتزام به ما لم يكن هناك ضابط قانوني يحد بالعقاب.. فالبعض تظل مسؤولياته وحريته غير محدودة في ظله ويتوقع بأن حريته لا تقف عند حريات الآخرين واحترام ذوقهم الخاص؛ بل تتخطاها إلى تجاهلهم والفرض عليهم.


‏الآن الدولة وضعت لائحة الذوق العام والقانون المناسب للائحة التنظيمية، ووافق مجلس الوزارء عليها تحت تنسيق مشترك من وزارة الداخلية والهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني، ووجهت في مباشرة المخالفات وتطبيق العقوبات وتحديد الغرامات، وحددت العقوبات والغرامة المادية لكل من ينتهك منظومة القيم والأخلاق في الأماكن العامة، ويتسبب في أذى وإضرار مرتادي هذه الأماكن، وأوضحت أشكالاً عامة للإضرار بالذوق العام، ومع هذه الجهود كلها ظل مفهوم «الذوق العام» مفهوماً عائماً وضبابياً لدى الأغلبية؛ لأن هناك سلوكيات عامة تخدش الذوق العام البعض يخترقها ولها علاقة بالتحرش بالنظر.. الاستفزاز بالعبارات وغيرها.. كل هذه الأمور لن تستوعبها في نظري القوانين ما لم تكن هناك جهة تربوية تحمل على عاتقها مسؤولية تهذيب الذوق العام وتغذي جيل الرؤية السعودية بها ليستوعبها ويستوعب عقوباتها ويدركها حتى لا يقع فريسة جهله بها.

هذا الجيل «جيل الرؤية السعودية» من الظلم أن نلزمه بالقوانين والأنظمة وفرض العقوبات عليه وهو يجهل في الأصل استيعاب كل ما يخدش الذوق العام ويعد من بابه؛ لذلك على وزارتي التعليم والإعلام تبني لائحة الذوق العام وممنهجتها، ومن ثم تقديم توعية خاصة للجيل تهتم بتوضيح مفهوم الذوق العام وما يدخل ضمن بابه، وما يترتب على كل سلوك من عقاب، وقبل كل هذا تقديم توعية تثقيفية عن معنى الحرية الذاتية وحرية الآخر والخصوصية ومضامين كل المفاهيم التي تندرج تحتها.

* كاتبة سعودية

fanarm_7@