-A +A
بشرى فيصل السباعي
من لا يفجعه غرق قوارب اللاجئين والمهاجرين فهو بلا قلب ولا روح وبالمناسبة صدهم ليست بسياسة جديدة فالدول الغربية بما فيها أمريكا أغلقت أبوابها بوجه اللاجئين اليهود أثناء إبادة النازية لهم ودعمت فكرة إقامة وطن بديل لهم خارج أوروبا لأنها كانت رافضة لاستقبالهم كلاجئين، وشهادة للتاريخ فاليهود لم يجدوا سوى دولة أوروبية واحدة منحتهم اللجوء وهي ألبانيا المسلمة، والعالم اليهودي الألماني الأشهر «أينشتاين» لم تقبله أمريكا كلاجئ حتى منحته ألبانيا جواز سفر ألبانياً فتمكن من دخول أمريكا كألباني، فالشح وهو إرادة الاستئثار وعدم مشاركة النعمة مع الآخرين هو نزعة غرائزية وتتصاعد في ظل الصعوبات الاقتصادية، لكن في ذات الوقت ليس من الأخلاقي قتل الناس على الحدود البرية والبحرية واعتقالهم وحبسهم بأسوأ الظروف كمجرمين لسنوات قبل البت بقرار الموافقة أو الرفض للجوئهم سواء أكان سبب اللجوء سياسيا أو اقتصاديا، ومن جهة أخرى يمكن تفهم دوافع الدول التي لديها سياسة متشددة لعدم قبول المهاجرين حاليا، حيث هناك تخوفات من تسرب أعضاء عصابات الجريمة المنظمة التي هي وباء يسود أمريكا اللاتينية وأوروبا الشرقية وسبب لهجرة أهلها، أو تسرب إرهابيين مسلمين، أو من لا مؤهلات لهم وسيصبحون عاطلين ويعملون في الممنوعات، وهذا غير عصبيات الهوية الثقافية، ولذا لا بد من التوصل لحل وسط إخلاقي إنساني يرضي الطرفين ولعله يكمن بتخصيص الدول المرغوبة من قبل المهاجرين لجزيرة أو مدن مستحدثة على الحدود لإسكانهم بشكل دائم على أن يكون مستوى الحياة والرفاه والمرافق الحكومية والأهلية مشابها لداخل البلد، فأستراليا خصصت جزيرة لإسكان اللاجئين والمهاجرين لكن وحسب تقرير لمنظمة «هيومن رايتس واتش» فهم ينتحرون ويصابون بأمراض عقلية ونفسية حادة بسبب شدة سوء أوضاعهم؛ فهم يعيشون في العراء بلا خدمات ولا عمل ولا أمل ومستقبل، فبالطبع هذا سيجعلهم يريدون الهروب من الجزيرة ودخول البلد الأصلي، بينما يمكن أن يصبح حافزا للمهاجرين في الجزر والمدن المستحدثة لتحقيق النجاح والامتياز أن تكون هناك فرصة للمتفوقين منهم للانتقال إلى داخل البلد، وتأهيل جزر ومدن مستحدثة لإقامة المهاجرين بكل أنواع المنشآت المدنية والأهلية أقل تكلفة من الإنفاق على الإجراءات الأمنية الخاصة بمنع تسللهم وبناء الأسوار ومراكز الاعتقال والإنفاق عليهم لسنوات، ويمكن أن تصبح مراكز للصناعات التي يأبى المواطنون العمل في مصانعها، وبالتأكيد هو أكثر أخلاقية وتحضرا من قتلهم على الحدود وإصدار قوانين تجرم تقديم الماء والغذاء لمن يحتضرون جوعا وعطشا وتجريم إنقاذ من غرقت قواربهم!

* كاتبة سعودية


bushra.sbe@gmail.com