-A +A
حمود أبو طالب
مؤكد أن العالم كان ينتظر مقابلة قناة CBS مع الأمير محمد بن سلمان ويعود ذلك لأكثر من سبب، أهمها شخصية الأمير ذاته وحراكه وقراراته التي استقطبت اهتمام العالم منذ توليه مسؤولية الشخص الثاني في الدولة، ولأن هذه الدولة هي المملكة العربية السعودية أهم دولة في العالم العربي والإسلامي الآن، كما أن المقابلة تأتي بعد حادثة كبرى تمثلت في الهجوم على أكبر معامل النفط في العالم لأكبر شركة بترول تضخ قرابة 5% من الإنتاج العالمي، إضافة إلى سبب ما زالت بعض الدوائر السياسية والإعلامية الغربية تثيره رغم توضيح المملكة لكل ملابساته، هو مرور عام على وفاة الإعلامي جمال خاشقجي في 2 أكتوبر 2018، ولا نستبعد أن توقيت المقابلة كان مقصوداً في هذا التوقيت.

على أي حال، فقد تمكن الأمير محمد بن سلمان من السيطرة على الحوار ودفعه باتجاه الموضوعية والحقيقة رغم محاولة المذيعة اقتناص سبق جديد في ملفات تراها مثيرة. الالتزام بالصدق وقول الحقائق والثقة بصحة ما يقوله المتحدث، أي متحدث، هي ما جعلت ولي العهد يقبل التحدي بالظهور في مقابلة عالمية في هذا التوقيت.


إضافة إلى ذلك فإنه لا أسرار في سياسة الدولة السعودية يحتفظ بها مسؤول لوحده في ما يتعلق بقضايا مهمة يعرفها العالم، بالنسبة لإيران فقد كانت كلمة المملكة في الدورة الأخيرة للجمعية العامة للأمم المتحدة وافية وضافية في تبيان موقفها تجاه ممارساتها الإرهابية وسياستها العدوانية وخطرها على العالم بأكمله، وكانت أزمة اليمن والاعتداء على مصافي البترول ضمن الملف الإيراني السيئ الذي تحدثت عنه الكلمة، وجاء ولي العهد ليؤكد موقف المملكة وأنها داعية سلام وتسعى إلى حلول سلمية لحل كل نزاعاتها مع الآخرين، لكن يبقى أمن المملكة وسلامة شعبها خطا أحمر.

وفي قضية جمال خاشقجي فإنه إذا كان ثمة جديد فهو تأكيد ولي العهد تحمل مسؤولية عدم تكرارها ومحاسبة كل من اقترفها، انطلاقاً من موقعه وصفته ومسؤوليته في الدولة، وهذه شجاعة أدبية كبيرة يتحلى بها المسؤول القائد الذي يدير شؤون دولة. وأما ما عدا هذه الملفات فإنه لا جديد أحضرته المذيعة في محاورها، فكل الملفات الراهنة في المملكة معروفة ويتم نقاشها والحوار بشأنها داخليا بشكل علني وبحرية تامة.

المملكة لديها مشروع نهضوي حضاري غير مسبوق في تأريخها، تكرس كل مقدراتها من أجل تحقيقه لسعادة ورفاهية وأمن شعبها، تتعامل بعقل واتزان مع كل الدول استناداً إلى المواثيق والمعاهدات والأنظمة الدولية التي تلتزم بها. هي غير مشغولة بالآخرين وإنما بنفسها وبشعبها، لكن إذا أراد طرف أن يشغلها عن بناء ذاتها واستمرار استقرارها فهي كفيلة بردعه.

نكرر القول بأن ولي العهد محاور ذكي وماهر بفطرته، وكلما ظهر في حوار جديد أضاف مزيداً من الايجابيات له وللمملكة، وأن كل القضايا والملفات التي يعتقد البعض في الخارج أنها حساسة وسرية هي في حقيقتها ليست كذلك لأن النقاش بشأنها لدينا متاح وبشكل علني طالما هناك التزام بالموضوعية وتوخي الصدق.