-A +A
إدريس الدريس
خلاص، فاعتباراً من الجمعة الماضية، لم تعد المملكة العربية السعودية مثل الصندوق الأسود حين لم يكن مسموحاً بدخولها لغير المرتبطين بعقود عمل فيها وتحت ولاية كفيل سعودي، إذ بعد السماح بإصدار التأشيرة السياحية ومنحها للراغبين بيسر وسهولة فقد أصبحت بلادنا بكنوزها التاريخية والتراثية والثقافية وبتنوعها الطبوغرافي والجغرافي وجهة مغرية لعشاق التاريخ والعراقة والأصالة والحداثة. إن أقصر طريق لتسويق بلادنا وتعريف الآخر بحقيقة السعودي والسعودية هو المجيء إليها، والتجول في جهاتها الأربع، وتلمس كنوزها المعرفية وإرثها التاريخي وحضاراتها التي امتدت من شمالها ووسطها وجنوبها وشرقها وغربها، لقد أصبح الجمعة يوماً فارقاً في الهوية السعودية بعد أن صار متاحاً ومباحاً لكل العالم أن يجوب مجاهل المملكة التي أغلقت وحرمت لعقود فخسر العالم وخسرنا.

أجل فقد خسر العالم أن يرى هذه الآثار والكنوز وأن يعرفنا جيداً، وخسرنا حين أشعرنا العالم أننا نبتة طارئة نشأت كطفرة بسبب برميل البترول الأسود. لقد صار من حق العالم أن يأتي إلينا مباشرة، وأن يتحدث عنا كما يرانا لا كما يسمع عنا، أقول ذلك لأننا كنا قد أغلقنا الباب على أنفسنا وسمحنا للعالم أن يتعرف علينا من خلال الغير ومن خلال النقل الكاذب ممن يكيدون لنا ويضمرون لنا الشر، لكن الآن لم تعد أبواب مملكتنا موصدة، وصار من حق العالم أن يعرفنا على حقيقتنا بموجوداتنا القديمة والحديثة وبأطيافنا المتنوعة، ثم إن مقتضى منح التأشيرة السياحية سيقود بالتبعية إلى ترقية البنية التحتية عندنا وتحسين الخدمات كما أن تدفق السياح سيخلق مصدراً آخر للدخل، وكلما تعززت الخدمة السياحية مع تطور البنية التحتية ومع توسع المشاريع السياحية زاد عدد القادمين وتبعه زيادة الدخل من هذه الصناعة التي تشكل مصدر الدخل الأول لعديد من الدول المتقدمة، والمملكة بما تملكه من جوانب سياحية قادرة على أن ترفع حصتها من هذه الصناعة الهامة. إذاً لنقل بصوت واضح وعزم أكيد وهمة حتى القمة: أهلاً بالعالم عندنا في مملكة السلام والانفتاح.


* كاتب سعودي

IdreesAldrees@