-A +A
عبدالله صادق دحلان
الوطن كلمة تجمع بين الأرض والشعب والقيادة، وحب الوطن هو حب لأرضه ولشعبه ولقيادته، وهو الأرض التي ولدنا وتربينا وترعرعنا وتعلمنا وعلمنا وعملنا فيه، والشعب هو الأب والأم والأخ والأخت والعم والخال والجار والصديق وكل من يعيش على أرض الوطن.

والقيادة هي القيادة السعودية خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز وولي عهده الأمير محمد بن سلمان، توحد هذا الوطن على يد المؤسس طيب الله ثراه الملك عبد العزيز، بعد أن كان شعوبا وقبائل متفرقة يغزو القوي الضعيف في غياب النظام والتنظيم وكبار القوم وحكمائهم، حتى توحد وأصبح وطنا واحدا يجمع هذه القبائل والإمارات المتفرقة في كيان واحد يحكّم شريعة الله. معتمدا على كتاب الله وسنة نبيه، ناشرا الأمن والأمان في جميع أنحاء البلاد؛ بعد أن كان قطاع الطرق حاكمين لطرق الحج ومروعين لحجاج بيت الله والمعتمرين له، وتحولت البلاد من ظلام الجهل إلى نور العلم فانتشر العلم من المدارس المنتشرة في جميع أنحاء المملكة في المدن والقرى والهجر حتى انتهى عهد الأمية وارتقى التعليم إلى التعليم الجامعي، فعممت الجامعات على معظم مناطق المملكة وتعددت الجامعات في بعض المدن الرئيسية جامعات حكومية وأهلية.


إن الاحتفال بيوم تأسيس المملكة العربية السعودية هو استرجاع لتاريخ بدأ من أول يوم أعلن فيه تأسيس المملكة وهو استرجاع لتطور هذا الوطن منذ بدايته حتى اليوم لنفخر بالإنجازات التي تحققت في مختلف المجالات العلمية والصحية والعمرانية والاجتماعية والسياسية والاقتصادية، ومن حق أبناء هذا الوطن أن يفخروا بوطنهم وقيادته التي استطاعت بناء دولة وسط الصحراء بلا مقومات اقتصادية إلى دولة ضمن مجموعة العشرين دولة في العالم الأكثر تأثيرا سياسيا واقتصاديا، وضمن الدول التي تضع السياسات والخطط الإستراتيجية الاقتصادية في العالم، وأصبحت المملكة ضمن أكبر دول العالم المؤثرة في الاقتصاد العالمي من حيث إنتاجها ومخزونها من البترول والغاز، ومن ضمن أقوى الدول تأثيرا على ارتفاع وانخفاض أسعار البترول والغاز في العالم وعلى منتجات الصناعات البتروكيماوية.

نعم من حق شعب المملكة أن يفخر بالإنجازات العظيمة التي تحققت في تطوير المقدسات الإسلامية في مكة المكرمة والمدينة المنورة، والإنجازات الكبيرة لخدمة الإسلام والمسلمين، ومن حقنا أن نفخر بثقافة وعلم شعبنا السعودي بعد نجاح الخطط الكبيرة لرفع مستوى التعليم والثقافة لأبناء الوطن من خلال الجامعات والمدارس العالمية.

إن احتفالنا باليوم الوطني يوم غد وبصفة خاصة في ظل الظروف السياسية التي تمر بها المنطقة، والاقتصادية التي يمر بها العالم، هو تأكيد لقيادة المملكة بأن شعبها يقف خلف قيادة وطنها لحماية أرضها ونظامها مؤيدين كل الجهود التي تبذلها قيادتنا لاستتباب الأمن والاستقرار الاقتصادي، وسنقف جميعا سدا منيعا لأي تعدٍ على حدود أرض الوطن وعلى وجه الخصوص حماية المقدسات الإسلامية مكة المكرمة والمدينة المنورة وعاصمتنا الرياض وكل شبر من أرض الوطن، وحماية مصادر طاقتنا من بترول وغاز وغيرها.

ولو كان هناك معيار لقياس الولاء في اليوم الوطني لكانت نتائج المعيار إجماع على المبادئ الرئيسية للوطن وهي الالتزام بشرع الله وسنة نبيه والحفاظ على وحدة الوطن وقيادته.

وهي مناسبة لأن نضاعف فرحة شعب هذا الوطن في اليوم الوطني بمزيد من العطاءات المستمرة من قيادة الوطن لشعبها؛ ومنها تحقيق المطالب بخفض رسوم الكهرباء والمياه والبنزين وعودتها إلى ما كانت عليه وخفض بعض الرسوم التي فرضت على العمالة والخدمات، ورغم قناعتي بأهمية الفكر الاقتصادي في إدارة مشاريع الدولة وخدماتها بالحد الأدنى الذي يغطي تكاليفها إلا أن البعد الاجتماعي في إدارة الدولة السعودية هو خصوصية تعوّد عليها شعب المملكة منذ التأسيس.

وإذا كنا نحتفل بيومنا الوطني في المملكة إلا أن مئات الآلاف من السعوديين طلبة مبتعثين ومقيمين خارج الوطن يحتفلون وقلوبهم مع الوطن وللوطن، ولو جاز لي الاقتراح لاقترحت بمناسبة الاحتفال باليوم الوطني هذا العام ضم جميع الطلبة الدارسين على حسابهم خارج الوطن وفي جامعات معتمدة إلى البعثة السعودية بدون الشروط الصعبة أو المستحيلة أحيانا المطبقة في الملحقيات الثقافية السعودية في الخارج.

وأخيرا إن آلاف السعوديين المهاجرين خارج الوطن في أمسّ الحاجة إلى رعاية خاصة لهم ولأبنائهم وهم يحلمون في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز أطال الله في عمره وولي عهده الأمين الأمير محمد بن سلمان -حفظه الله- أن تُنشأ وزارة خاصة للمغتربين خارج الوطن، والاغتراب ليس عيبا أو هروبا من الوطن بل أجزم أن بعضهم سفراء لوطنهم وفخر لبلادهم في الخارج، فمنهم الأطباء في أكبر المستشفيات العالمية ومنهم أساتذة في أكبر الجامعات العالمية ومنهم قياديون وتنفيذيون في شركات عالمية ومنهم رجال أعمال مستثمرون في العديد من دول العالم.

إن مناسبة الاحتفال باليوم الوطني هذا العام تتطلب مزيدا من الترابط والتعاضد من أبناء هذا الوطن من سنّة بجميع مذاهبها وشيعة بكل مذاهبها، ومن أبناء القبائل والحضر، ومن كل سعودي بالجنسية أو بالتجنس، وكل مقيم وزائر أن نكون جسرا منيعا لكل معتدٍ على وطننا، مثمنا شجب إخواننا من أبناء الوطن شيعته وسنته الاعتداء على منابع النفط ومعامله.

* كاتب اقتصادي سعودي

abdullahdahlan@yahoo.com