هل العالم مجنون أم هناك من يُريد إظهاره بهذا المنظر؟ طالما نحن لا نُعطي الدراسات ومراكز البحوث حقها من الاهتمام والرعاية، سنظل عالقين في مثل هذه الأسئلة، وغير قادرين على صناعة الحدث؛ فصناعة الحدث لا يملكها إلا من امتلك مقوماتها.
الحدث ليس بالضرورة نتيجة لفعل عدائي، بل قد يكون نتيجة سوء تقدير أو ضعف في التخطيط أو عدم وجود رؤية للمآل، وقد يخلق الحدث تغريدة أو مقالا أو عملا أدبيا وما إلى ذلك.
الحدث يصنعه القادر على التأثير، وذلك على كل المستويات الفردية أو المؤسساتية أو الاجتماعية أو الإقليمية أو الدولية، وكذلك الشأن في الاقتصاد والعلوم والتقنية.
على سبيل المثال فرب العائلة قد لا يكون هو من يصنع الحدث في محيط عائلته بل قد يصنعه أحد أفراد العائلة الذي يملك أدوات التأثير.
وتختلف أنواع الأحداث باختلاف الباعث والهدف المقصود حدوثه، وصناعة الحدث تتفاوت بقدر القدرات والإمكانيات؛ فقد صنعت بريطانيا أحداثاً للمنطقة وللعالم بفعل وقرار واحد، وذلك بتقسيم الهند على سبيل المثال لعدة دول مثل باكستان الشرقية والغربية والهند وكشمير. ولكم أن تتصوروا كيف صنع هذه التقسيم حروباً ومآسي وصراعاً طويلاً متجدداً قائماً لليوم، وما يزال يصنع الكراهية والتنافر.
صناعة الحدث يملكها الأقوياء وليس الضعفاء. صناعة الحدث هي القدرة على الفعل وليس ردة الفعل. وحتى لو ظهرت ردة الفعل بأنها حدث فذلك لا يجعلها حدثا. وأن يصنع الإنسان مستقبله بالرغم من كل الظروف غير المواتية، وغير المناسبة؛ فصناعة الحدث تختلف عن من يستغل الحدث أو يعيش فيه أو يتعامل معه كواقع يشاهده ويستمع له ويستسلم له، ويعتبره مسلمة من المسلمات غير القابلة للتغيير.
في عالمنا يجب أن نُعيد الفكر والتقدير في كل ما يحيط بِنَا من وقائع وأعمال وظروف وأحداث نعيش فيها اليوم، وتتكرر فيها الأحداث بنفس الرتم والإيقاع والنغمة حتى أصبح عالمنا لا يستطيع أن يسمع غير ذلك. ولم يعد عالمنا الشرق الأوسطي يصنع الحدث بل يعيشه ويشاهده ويتعامل معه في أحسن الظروف، وليس في مقدوره أن يستغله استغلالاً حقيقياً لصالحه.
عندما نصنع مفاهيم قادرة عن الخروج من ثوب التقاليد والعادات البالية. وعندما نعيد السلم الاجتماعي للمجتمع. وعندما تكون حقوق الإنسان ورفاهيته هي الباعث وليس استمرار العمل والحياة. وعندما لا يكون الفعل ردة فعل ولا نتيجة فعل يصنعه الآخر أو المحيط، عند ذلك تبدأ صناعة الحدث.
الموظف الذي تصنع حياته الوظيفة، والمسؤول الذي تؤطره مسؤوليته فيفقد أصدقاءه أو يبتعد عنهم أو تحكمه أجندة عمله، أمثال هؤلاء هم من يعيشون الحدث في أسوأ صوره وذلك على صعيد الأفراد.
أما على صعيد الدول فعندما تعيش الدولة سجينة تاريخها ومفاهيم وعاداتها وظروف وطبيعة البيئة فهي دولة تعيش الحدث وتشاهده وتتأثر به، ولكنها لا تصنعه وإنما الحدث يصنع تاريخها وحاضرها ومستقبلها.
صناعة الحدث نتاج فكر وعلم وشموخ واقتدار. وهي صناعة تقوم على مقومات عديدة وأساسية تعمل للمستقبل وليس للماضي. وبهذه الصناعة نُعيد العقل لمنطقتنا ولعالمنا، ونعيد السلم والأمن ونملك مقدراتنا.
* كاتب سعودي
@osamayamani
yamani.osama@gmail.com
الحدث ليس بالضرورة نتيجة لفعل عدائي، بل قد يكون نتيجة سوء تقدير أو ضعف في التخطيط أو عدم وجود رؤية للمآل، وقد يخلق الحدث تغريدة أو مقالا أو عملا أدبيا وما إلى ذلك.
الحدث يصنعه القادر على التأثير، وذلك على كل المستويات الفردية أو المؤسساتية أو الاجتماعية أو الإقليمية أو الدولية، وكذلك الشأن في الاقتصاد والعلوم والتقنية.
على سبيل المثال فرب العائلة قد لا يكون هو من يصنع الحدث في محيط عائلته بل قد يصنعه أحد أفراد العائلة الذي يملك أدوات التأثير.
وتختلف أنواع الأحداث باختلاف الباعث والهدف المقصود حدوثه، وصناعة الحدث تتفاوت بقدر القدرات والإمكانيات؛ فقد صنعت بريطانيا أحداثاً للمنطقة وللعالم بفعل وقرار واحد، وذلك بتقسيم الهند على سبيل المثال لعدة دول مثل باكستان الشرقية والغربية والهند وكشمير. ولكم أن تتصوروا كيف صنع هذه التقسيم حروباً ومآسي وصراعاً طويلاً متجدداً قائماً لليوم، وما يزال يصنع الكراهية والتنافر.
صناعة الحدث يملكها الأقوياء وليس الضعفاء. صناعة الحدث هي القدرة على الفعل وليس ردة الفعل. وحتى لو ظهرت ردة الفعل بأنها حدث فذلك لا يجعلها حدثا. وأن يصنع الإنسان مستقبله بالرغم من كل الظروف غير المواتية، وغير المناسبة؛ فصناعة الحدث تختلف عن من يستغل الحدث أو يعيش فيه أو يتعامل معه كواقع يشاهده ويستمع له ويستسلم له، ويعتبره مسلمة من المسلمات غير القابلة للتغيير.
في عالمنا يجب أن نُعيد الفكر والتقدير في كل ما يحيط بِنَا من وقائع وأعمال وظروف وأحداث نعيش فيها اليوم، وتتكرر فيها الأحداث بنفس الرتم والإيقاع والنغمة حتى أصبح عالمنا لا يستطيع أن يسمع غير ذلك. ولم يعد عالمنا الشرق الأوسطي يصنع الحدث بل يعيشه ويشاهده ويتعامل معه في أحسن الظروف، وليس في مقدوره أن يستغله استغلالاً حقيقياً لصالحه.
عندما نصنع مفاهيم قادرة عن الخروج من ثوب التقاليد والعادات البالية. وعندما نعيد السلم الاجتماعي للمجتمع. وعندما تكون حقوق الإنسان ورفاهيته هي الباعث وليس استمرار العمل والحياة. وعندما لا يكون الفعل ردة فعل ولا نتيجة فعل يصنعه الآخر أو المحيط، عند ذلك تبدأ صناعة الحدث.
الموظف الذي تصنع حياته الوظيفة، والمسؤول الذي تؤطره مسؤوليته فيفقد أصدقاءه أو يبتعد عنهم أو تحكمه أجندة عمله، أمثال هؤلاء هم من يعيشون الحدث في أسوأ صوره وذلك على صعيد الأفراد.
أما على صعيد الدول فعندما تعيش الدولة سجينة تاريخها ومفاهيم وعاداتها وظروف وطبيعة البيئة فهي دولة تعيش الحدث وتشاهده وتتأثر به، ولكنها لا تصنعه وإنما الحدث يصنع تاريخها وحاضرها ومستقبلها.
صناعة الحدث نتاج فكر وعلم وشموخ واقتدار. وهي صناعة تقوم على مقومات عديدة وأساسية تعمل للمستقبل وليس للماضي. وبهذه الصناعة نُعيد العقل لمنطقتنا ولعالمنا، ونعيد السلم والأمن ونملك مقدراتنا.
* كاتب سعودي
@osamayamani
yamani.osama@gmail.com