بولتون وترمب.
بولتون وترمب.
-A +A
فهيم الحامد (جدة) falhamid2@
ظلت الخلافات العميقة بين الرئيس الأمريكي دونالد ترمب ومستشار الأمن القومي جون بولتون سراً طوال الأشهر الماضية؛ إلا أنها ظهرت للعلن فجأة عقب تغريدة ترمب بإقالته قائلا: «اختلفت بشدة مع العديد من اقتراحاته»؛ فيما قال بولتون إنه قدم استقالته، مأ أثار الجدل والتكهنات حول الإقالة أو الاستقالة.

في جميع الأحوال لم يكن قرار عزل بولتون مفاجئا، فالعارفون بدهاليز البيت الأبيض يرون أنه كان متوقعاً منذ يونيو الماضي بعد بروز خلافات بينهما بشأن السياسة الخارجية، بسبب الأزمة، وتشدد بولتون تجاه المفاوضات مع كوريا الشمالية، وانتقاده علنا تجارب الصواريخ التي تجاهلها ترمب خصوصا أنه رفض مرافقة ترمب في اجتماع «المنطقة المنزوعة السلاح» مع الزعيم الكوري الشمالي كيم أون واختار الذهاب إلى منغوليا، كما رفض الحوار مع طالبان؛ فيما يرغب ترمب في الانفتاح الدبلوماسي مع كوريا الشمالية وطالبان وإيران. واشتبك بولتون مع وزير الخارجية مايك بومبيو عدة مرات في الاجتماعات السرية في البيت الأبيض.


ويعتبر بولتون آخر أجنحة الصقور والمدافعين عن استخدام القوة الأمريكية للدفاع عن مصالح الأمة، إذ أعرب مسؤولون في البنتاغون عن جزعهم من طلبات بولتون لخطط الحرب الطارئة. ويبدو أن خطة ترمب لدعوة قادة «طالبان» إلى منتجع كامب ديفيد لتوقيع خطة سلام لانسحاب القوات الأمريكية كانت سببا رئيسيا في الإطاحة به باعتبار أنه الصوت المعارض. وقد حاول حلفاء بومبيو على نحو متزايد عزل بولتون الذي جادل بأن ترمب يمكن أن يسحب 5 آلاف جندي مع ترك قوات كافية للمساعدة في جهود مكافحة الإرهاب من دون اتفاق مع «طالبان»، لأنها مجموعة لا يمكن الوثوق بها بحسب بولتون. وطالما دافع بولتون عن وجود عسكري أمريكي واسع في جميع أنحاء العالم.

وجاءت الإقالة بعد أقل من 24 ساعة من وصف ترمب تقارير عن الخلافات في البيت الأبيض بـ«أخبار كاذبة. وقال: «أُبلغ عني الكثير من الأخبار المزيفة وأني رفضت مشاركة نائب الرئيس وعدة مستشارين في اجتماع محتمل في كامب ديفيد مع طالبان. هذه القصة خاطئة!».. وكان الكاتب كورت ميلز نشر في صحيفة «ذا أمريكان كونسرفلتيف» مقالة بعنوان: هل انتهى وقت بولتون؟، تحدث فيها عن ارتفاع الثرثرة حول الخروج المحتمل من الإدارة، ولفت إلى أن الأخير كان «الشرطي الأسوأ» لترمب.

واحتل بولتون مكانا بارزا في إدارة الرئيس السابق جورج بوش الابن وكان مهندس الحرب الأمريكية ضد نظام صدام حسين. وخدم في الإدارات الجمهورية للرؤساء رونالد ريغان وجورج بوش (الأب) وجورج بوش الابن. وساعد بولتون بوصفه أحد المحافظين الجدد المتحمسين، في بناء ملف امتلاك صدام حسين لأسلحة الدمار الشامل. وتم تعيينه عام 2018، خلفاً للجنرال مايك فلين الذي استقال من منصبه كمستشار للأمن القومي بعد 24 يوماً، وخلفه الجنرال إتش. آر. مكماستر الذي لم يقم علاقة قوية مع ترمب على الإطلاق وأُرغم على الرحيل.