-A +A
حمود أبو طالب
لماذا احتفى المجتمع السعودي والوسط الاقتصادي المحلي والدولي بتعيين الأمير عبدالعزيز بن سلمان بن عبدالعزيز وزيراً للطاقة. هناك أسباب منطقية لطرح هذا السؤال، إذ إنه قليلاً إن لم يكن نادراً أن يتحول الترحيب إلى ما يشبه الإجماع على شخص مسؤول، عادةً يكون الترحيب والترويج والتلميع للمسؤول عند تعيينه عبر دائرته المقربة أو بواسطتها من خلال أذرعها الإعلامية/‏الإعلانية لا أكثر، وعادةً ما تظهر أو تتسرب بعض التحفظات على كفاءة المسؤول وصلاحيته لمنصبه، وفي بعض الأحوال يكون الصمت هو التعبير العام بما فيه من معنى.

يمكن القول إن الاحتفاء بعبدالعزيز بن سلمان ليس لأنه من الأسرة الحاكمة وابن الملك فقط، وليس لأنه شغل أهم منصب اقتصادي عالمي كوزير للطاقة في أكبر دولة مصدرة للنفط فقط، وأيضاً ليس كنتيجة طبيعية للمقارنة بينه وبين مسؤول سبقه كادت مغادرته تتحول إلى إجماع على وجوبها. فبالإضافة إلى ما سبق هناك أسباب موضوعية أكثر أهمية ومنطقيةً، نستدل منها على المعايير التي يتطلع المجتمع إلى مراعاة توفرها عند تعيين المسؤولين. نعرف أن الدولة لديها معاييرها الصارمة في الجوانب الشخصية والعملية عند اختيار المسؤولين في المواقع المهمة بحسب نوعها وطبيعة عملها، لكن أحيانا بعض المسؤولين يخذلون الدولة والمجتمع لاحقاً بأدائهم المتواضع وانفصام شخصيتهم وتعاليهم وغرورهم.


منذ انضمام عبدالعزيز بن سلمان إلى العمل في وزارة البترول لم يتعامل مع وظيفته كاستحقاق «أميري» يجب أن يدفع به إلى الأعلى بطريقة حرق المراحل، عمل بمثابرة وصمت وتصالح مع الذات لاكتساب الخبرة والمعرفة ملتزماً بضوابط وحدود مهامه وواجبات علاقته مع رؤسائه، تدرج كغيره من مسؤولي الوزارة في مناصب أعلى بحسب جودة أدائه وكفاءته وتراكم خبرته، صعد سلم المسؤوليات بتسلسل منطقي وأصبح مخزن خبرة ضخمة في اقتصاد وسياسات البترول، شارك في صنع قرارات وإدارة مفاوضات وإنجاز اتفاقيات في غاية الأهمية دون اندفاع لتسويق نفسه إعلاميا أو المزاحمة على الأضواء. عمل مع وزراء تتابعوا على الوزارة وكان مقنعاً لهم بل ومتفوقاً على بعضهم، لكن كان يهمه مصلحة الوطن لا التسابق على الشهرة، وفي كل مراحل الوزارة كان عبدالعزيز بن سلمان محط إعجاب واحترام كل من يعملون فيها ويتعاملون معها من الداخل والخارج، ما يمثل حالة إجماع نادرة لا يستحقها إلا شخص نادر.

أما على الصعيد الشخصي فيصعب حصر الخصال الإنسانية الرائعة التي يتحلى بها هذا الإنسان مع كل الناس، لا تجد شخصاً عرفه أو تعامل معه إلا ويمحضه الثناء والتقدير والإعجاب، ولذلك عندما تجتمع الأخلاق النبيلة مع الكفاءة والقدرة والتميز والخبرة لدى شخص ثم يتم اختياره لمنصب مهم في توقيت مهم ومرحلة مفصلية في تأريخ الوطن، فإننا لا نستغرب حالة البهجة الجماعية والترحيب العام بعبدالعزيز بن سلمان ليستكمل رسالته الوطنية.

مرحباً بالأمير النبيل والمسؤول القدير والإنسان الجميل، ودعواتنا الصادقة له بالتوفيق.

* كاتب سعودي

habutalib@hotmail.com