-A +A
منى العتيبي
وحدهم المطلعون على المسار النهضوي في بلدان العالم يدركون أن قرار مدارس الطفولة المبكرة بالمملكة جاء متأخرا، ولكن العزاء يبقى في أن تصل متأخرا خير من ألا تصل.. وليست قضية الوصول والوقت المتأخر قضيتي هنا في هذه المقالة، إنما الموقف الغريب الذي تسيده أشخاص من وراء حجاب معارضون لمدارس الطفولة المبكرة وافتقارهم للأدلة والبراهين التي تدعم رفضهم.

هؤلاء المعارضون آفة التقدم الحضاري والإنساني كما أسميهم، استطاعوا أن يؤثروا على عدد من عامة الناس الذين لا يملكون المعرفة الحقيقية وأدلتها نحو قرار مدارس الطفولة المبكرة، وتلاعبوا عليهم بمصطلحات حسّاسة جدًا مثل «الاختلاط» و«الانحراف الأخلاقي» و«الرذيلة»، «الغيرة» وأججوا الرأي العام بها بهدف تخويفهم وترهيبهم وعزوفهم عن الانسجام مع القرار وتحقيق الهدف البنّاء منه.


ولم يكتفوا بذلك، بل أطلقوا شائعات واختلقوا قصصاً واهمة وصوروا لنا أبناءنا وأطفالنا بما لا يصدقه العقل، وكأنهم قد تربوا في بيوت منفلتة أخلاقياً هيأتهم لممارسة الرذائل والفواحش.. وتخطى الأمر ذلك إلى الأعظم بما لا تقبله النفس الإنسانية السليمة ليسوقوا أطفالنا إلى الكاميرات ويلقنوهم كلاماً لا يدركونه من التهديد والوعيد بلا وعي منهم ولا قوة!

لو عدنا إلى الزمن الماضي القريب وحتى الحاضر لوجدنا مجتمعنا بريء من كل ما يشيعونه ويسوقونه من الأدلة الكاذبة والبراهين الواهية.. لوجدنا الطفل الذكر يعيش في حالة تعايش ولا أقول اختلاط مع النساء سواء كانت صديقة أمه أم أخته الكبرى أو جارتهم، وتساهم الجارات بكل ما يملكن من مشاعر الأمومة في تربية أولاد الجارات ويزودنهم بالقيم التربوية كما يفعلن مع أولادهن.. كما لعبنا نحن منذ الصغر مع أولاد حارتنا وأكلنا وشربنا واستضافتنا قلوب أمهاتهم قبل بيوتهن.. ومن منّا لا يملك ذاكرة طفولة نزيهة بريئة مع بنات الجارة وأولاد الجارة؟ ومن منا لا يذكر توجيهات جارات وصديقات أمهاتنا؟ ونظرة الخوف علينا.. تلك التي أشعرتنا بالأمان حين تغيب أمهاتنا لقضاء حاجة.

لذلك من الضروري جدًا مع الأصوات المعارضة وغير المنطقية ظهور أصوات النخب المثقفة العقلانية ورجال الدين الموثوقة مصادرهم ليسمع الناس الحقيقة وينجلي عنهم الغمام.. هذه الأصوات لا بد أن تتكاتف مع وزارة التعليم، فلا يمكن لليد الواحدة أن تبني وتخط الطريق لوحدها.. الناس البسيطة من العامة وقعت فريسة مع الرأي المعارض ودون وعي وعن جهل توقعت بأنه الرأي السديد الذي سيقودهم نحو النور.