-A +A
أريج الجهني
من ويلات التقنية التي جميعنا نرزح تحت وطأتها أنها لا ترحم ولا تجعل هناك أي مجال للرحمة على الأقل تقنيا، فتغريدة واحدة قد تصيبك في مقتل، وكلنا معرضون لهذه الزلات وهذه التشعبات، ما بين متربصين ومحبين وما بين رغبة في البقاء على الساحة، تظهر معضلة أخلاقية حقيقية وهي هل على الفنان أن يزج نفسه بالسياسة؟ وهل السياسة تخدم الفن؟ أم الفن يخدمه، قديما في الفكر الفلسفي الكلاسيكي كان يقال «إن الفن يهذب السياسة، لكن الأخيرة تفسده»، وبصفتي فتاة كلاسيكية أجدني أميل لهذا الرأي، ولكن يجب أن لا نهمل أن الفن حاليا ومجمل الأوجه الثقافية تعيش في تذبذب وصعود وانهيار، وبالتأكيد أن السياسة لها يد مباشرة في هذا.

شاهدنا في هذا العام ٢٠١٩ العديد من الزلات «السياسية» التي تورط بها نجوم كبار من حيث الإمكانات وجمال الأصوات ومليونية المشاهدات، لكن بسبب النشاز الفكري وضعف الثقافة علق البعض منهم في مصادمات حقيقية مع الوعي الحقوقي خاصة لدى فتياتنا الرائعات اللاتي يتصدرن المشهد الحقوقي العربي بكل بسالة ورقي مع دعم وطني مرافق وقرارات جعلت المرأة السعودية تخيف جاراتها اللاتي اعتدن أن ينلن مكتسبات متعددة بسبب غياب الصوت السعودي للمرأة عن الساحة، هكذا أصبحت الفتيات السعوديات يتابعن ما يقال ويكتب عنهن، ورغم اعتذار وتراجع البعض عن أفكارهم المغلوطة، إلا أن العديد من الحقوقيات السعوديات ما زلن على موقف رافض للتجاوزات التي نالتهن في حقبة زمنية غابرة وهذا من أبسط حقوقهن.


«الأسية ما تنتسى» كما يقول أهل الشام، نعم عندما تتفوه مطربة بأفكار عدائية ضد فتيات مستضعفات، بالتأكيد لن تتسامح معهن الفتيات، لهذا أنا أدعو المطربات العربيات والفنانات بشكل عام بتجنب التطفل على قضايا الضعفاء طالما لم تدفعهن إنسانيتهن للتعاطف مع الناس، وطالما أن التدخل السياسي في الوقت الحالي كاللعب بالنار، ولن تعود الفتيات يتقبلن المجاملات، بالمقابل توجد مطربات أخريات يدندن على موال الحقوق وهن أبعد ما يكون هنا داخل أوطانهن، وتارة ينقلبون ولا تعرف لهم حال، لهذا نحن أمام مفترق طرق، الأول أن ينشغل الفنانون بفنهم كما فعلت فيروز التي لا نعرف عنها سوى أن صوتها من تقاليد الصباح وطقوسه الباذخة، لن أكون طموحة وأقول نريد فنانات بإنسانية إنجلينا جولي، فالإنسانية فعل خيري يأتي بدون تنميط ولا مطامع مادية، نعم مجتمعنا واعٍ جدا والتعامل مع المجتمع السعودي من الآن وصاعدا يستلزم التفكير والعد مئات المرات قبل التفوه بأمور لا يحمد عقباها وهكذا!

* كاتبة سعودية

Areejaljahani@gmail.com