الخطأ اللغوي كما يبدو في إحدى لوحات الأمانة.
الخطأ اللغوي كما يبدو في إحدى لوحات الأمانة.
-A +A
بدر القثامي (الطائف) badr_algtami@
وقعت أمانة الطائف في خطأ لغوي في تسمية أحد الأحياء الكبيرة بمحافظة الطائف إذ كتبت في إحدى اللوحات اسم الحي (القَيِّم)، من جانبه قال باحث الدكتوراه خالد الدعجاني لـ«عكاظ» إن «لقَيْم» هو الاسم الصحيح وليس (القَيِّم).

وأضاف: «لقَيْم» هي قرية معروفة من قرى الطائف، في وادٍ طويل اشتهر منذ القدم بكثرة مزارعه وبساتينه وثماره، والاسم يطلق على الوادي كله. ولقَيْم تصغير لُقَم بمعنى الطريق الواضح أو منهج الطريق، ولَقَمُ الطريق مُنْفَرَجُه، نقول: عليك بلَقَمِ الطريق فالْزَمْه، قال الشاعر:


غابَتْ حَلِيلَتُه وأَخْطَأَ صَيْدَه

فَلَه على لَقَمٍ الطَّرِيق زَئِيرُ

و«لقيم» اسم رجل، فقد سمت العرب لُقَيْماً كـ «زُبَيْر»، وهو ابن لقمان بن عاد الذي ورد ذكره كثيراً في أشعار العرب وقصصها وأمثالها، يقول الشاعر:

كَانوا كَمِثلِ لُقَيـمٍ في عَشيرَتِـهِ

إذ أُهلِكَت بِالَّذي قد قَدَّمَت عادُ

وفي المثل: (في نَظْمِ سَيْفِكَ ما تَرَى يَا لُقَيْمُ). ولا يُدرى أسميت هذه القرية التي هي أول قرى الطائف باسم رجل اسمه «لقَيْم» أم هي تصغير لُقَم بمعنى طريق، لكنها عرفت منذ القديم بهذا الاسم فهي لقيم كـ «ليّة ونخب وشرب وقملة» وغيرها من قرى وأودية الطائف، والبعض ينطقها «القَيْم» بزيادة الألف في أولها كعادة الناس في لهجاتهم الدارجة. وقد جاء ذكر «لقَيْم» في تواريخ الطائف وفي كتابات بعض الرحالة والمؤرخين، يقول خيرالدين الزركلي: «لقيم واد طويل خصيب يجتاز في أقل من ساعتين أوله مزارع الشدايين بعد المليساء وآخر الصفاة على ما يزعمون...»، ويقول الأمير شكيب أرسلان في كتابه الارتسامات اللطاف: «وأول ما يستقبل الإنسان في مسيره إلى الطائف هي قرية لقيم (بضم ففتح فسكون)، وهي قرية لطيفة فسيحة الأرجاء لا يظنها من رآها قرية واحدة وذلك لتفرق بيوتها، وتراخي ما بين حاراتها، ومما لا ينبغي أن ينسى أن عنب «لقيم» هو رأس عنب الطائف في اللذة والحلاوة، وأن عنب وادي محرم أي: قرن المنازل هو رأس عنب الطائف في كبر الحجم مع الحلاوة وتحسبه جوزاً إذا رأيته، وقد كنا نضع منه الحبة في دورق الماء فتقف في عنقه وتسده».

وفي كتاب إهداء الطائف من أخبار الطائف للعجيمي ذكر أن لُقَيْماً قرية كبيرة مشتملة على بساتين ومزارع وآبار.

ولقيم موصوفة كذلك بجودة الحنطة والحبوب، وقد جاء في تاج العروس: «الحنطة اللقيمية الكبار السّروية، التي يؤتى بها من السراة، أو نسبة إلى لقيم - كزبير - بلدة بالطائف موصوفة بجودة البر والشعير».

وأضاف الدعجاني أن علامة الجزيرة حمد الجاسر قال في معجم قبائل المملكة العربية السعودية: «ذوي ناصر: من الأشراف العبادلة، في العرج أسفل الطائف في شواحط وفي وادي لُقيم»، وقال: «والحمدة: بطن من ثقيف، يقيم في وادي لُقَيْم ونواحيه من أودية الطائف»، وفي المجاز بين اليمامة والحجاز للشيخ عبدالله بن خميس، يقول: «وتلتفت يميناً لترى منطقة (القَيْم) ممتدة هنالك وبها عدة قرى للأشراف وللعصمة وللدعاجين، وهي منطقة زراعية جيدة من أبرز مناطق الطائف الزراعية ومشهورة بجودة العنب فهي تمتاز على غيرها بهذه الظاهرة كما تمتاز منطقة (ليّة) بجودة الرمان فهم يضربون المثل بهما في جودة هذين النوعين من الفاكهة. وإلى القَيْم ينسب نوع من البرّ، جيد يقال له: (القيمي) مشهور عند أهل نجد يؤكد أستاذنا حمد الجاسر أن هذه النسبة إلى هذه المنطقة...». فلقَيْم أو القَيْم بزيادة الألف هو الاسم المعروف والمستقر والمترسخ في أذهان الناس، لكن اللافت للنظر أن اللافتات الجديدة التي وضعتها أمانة الطائف اخيراً تحمل اسماً جديداً لهذه المنطقة هو (القيِّم)، والاسم هنا مختلف جدّاً، والمعنى كذلك؛ فلا يُعرف هل القيّم بمعنى: السيد، أم هو اسم من أسماء الله الحسنى، أم ماذا؟!، لكن المعروف أن تغيير الأسماء فيه محو لتاريخ هذه المنطقة وأصالتها، وهي محاولة ساذجة لطمس وتغيير التاريخ والتغول عليه، فأسماء المناطق لم تأتِ من فراغ فهي نتاج مواقف وأحداث وأوصاف هي الأصل في تلك التسميات التي هي -بلا شك- منتج شعبي خالص. من جهته، أوضح مؤرخ الطائف عيسى القصير لـ«عكاظ» أن الأصح مسمى «لقيم» وهي منطقة تاريخية زراعية مشهورة بزراعة أنواع الحبوب وأشهرها الحب اللقيمي لكبر حبته ولذته في عمل القرصان الخبز، ومشهورة كذلك بزراعة الفواكه وأشهرها العنب حبته كبيرة مثل اللؤلؤ الأبيض، وهي مساكن قبيلة الحمدة من ثقيف، وداخلة ضمن النطاق العمراني وبها بعض الخدمات والمرافق العامة.