-A +A
أريج الجهني
عودا حميدا، هكذا بدأ هذا العام للتعليم العالي مع مطالبات ملحة تخجل أن ترى بنات وطنك يطالبن بها المسؤولين في جامعاتهن والفتيات في الجامعات الكبرى سبقن الجميع في التصريح بدخول الجوالات والخروج بيسر وسهولة، تابعت ما كتبته الطالبات في هاشتاق #بوابةـجامعةـالجوف، وكيف يتم منع الطالبات من الانصراف في أي وقت ونحن نتحدث عن جامعة وطالبة تعي تصرفاتها، وهاشتاق #نطالب بالبناطيل في الجامعات، وكيف تتم محاصرة ملابس الطالبات وتفتيشهن عند البوابات من قبل حارسات الأمن وكأن هذا اللباس قنبلة نووية ستفجر المبنى، وكأن هذه الفتاة لزام عليها أن تعيش في دوامة ما يريده المجتمع منها ويتجاهلون أن عنوان هذا العصر هو «على حد سواء».

إن فكرة الزي الموحد قد تكون مفهومة في المدارس، لكني أرفضها بشدة للمعلمات ولطالبات ومنسوبات الجامعات، المعلمات في بريطانيا يرتدين فساتين رقيقة وثيابا متنوعة دون تقييد لحرية المعلمة فيما تختار، كذلك في أسوار الجامعات البريطانية فأنت تجلس في القاعة وتشاهد الفتاة التي اختارت أن ترتدي النقاب والعباءة بكل أريحية وبجوارها فتاة ارتدت القميص الملون والبنطال المناسب، الجميع غير منشغلين «برأي الآخرين» عن مظهرهم، اختيار الزي حرية شخصية طالما في حدود الذوق والأخلاق العامة.


بالتأكيد جذور التسلط والقمع للمرأة ليست فقط صنيعة الرجل بل حتى بعض النساء يخيفها أن ترى الفتيات متجملات ومهتمات برشاقتهن وأنفسهن حتى لا تشعر بالتهديد، الكثير من المهزوزات نفسيا ترعبهن رؤية الفتاة المستقلة والواثقة فتبدأ تحاصرها وتلاحقها لتقمعها، بحجة الحرص، فمثلا إحداهن كتبت في الردود «نريد أن يكون منظر الطالبات مريحا للعين»، وأنا أقول أتمنى أن لا ترتاح عينيك إذا! ومن أنتِ حتى تطالبين فتاة في أقصى الشمال لأن تستيقظ تفكر فيما تلبس حتى «تريحي عينيك»! لا أحد مسؤول عن راحة أحد، ولا ينبغي أن يكون مظهر أحدنا مصدر «راحة أو غضب» للآخر ببساطة.

إن الانعتاق من الجهل موجع ومؤلم للبعض، لكنه بالمقابل دورنا كجهات تعليمية وتحديدا وزارة التعليم التي تدهشنا بالتحولات النوعية المواكبة لرؤية ٢٠٣٠ عليها أن توجه رسالة ببداية العام لهذه الجامعات الخاملة والخامدة، وتسألهم: كم عدد الأبحاث التي أنجزها أعضاؤكم؟ كم عدد الدورات التي قدمتموها مجانا لخدمة المجتمع؟ كم عدد المواد والطلبة الذين تعملون لخدمتهم؟ نعم هذه هي وظائف الجامعة الثلاث باختصار «أبحاث، خدمة مجتمع، تعليم»، لا يوجد فيها «قمع»، لا يوجد فيها «تنميط ولا تأطير»، ماذا قدمت هذه الجامعات في خلق الوظائف وتحسين وتطوير المدن؟، كل ما هو مطلوب من الجامعات الناشئة في هذا العام أن تستيقظ من سباتها وأن لا تقف في وجه طلبتها، وأن لا تجعل الزي والباب قضية رأي عام، فلدينا ملفات أهم!

* كاتبة سعودية