-A +A
حمود أبو طالب
«جدد مجلس الوزراء السعودي دعوة المملكة للحكومة اليمنية ولجميع الأطراف التي نشب بينها النزاع في عدن لعقد اجتماع في بلدهم الثاني السعودية، لمناقشة الخلافات، وتجسيداً لحرص المملكة على تغليب الحكمة والحوار ونبذ الفرقة ووقف الفتنة وتوحيد الصف للتصدي لمليشيا الحوثي الإرهابية المدعومة من إيران والتنظيمات الإرهابية الأخرى واستعادة الدولة وعودة اليمن الشقيق آمناً مستقراً».

هذه فقرة من البيان الرسمي لجلسة مجلس الوزراء السعودي يوم الثلاثاء الماضي برئاسة خادم الحرمين الشريفين تضاف إلى البيان المشترك لوزارتي الخارجية السعودية والإماراتية الذي رحب به المجلس وشدد على مضامينه، ومنها «حرص وسعي البلدين الكامل للمحافظة على الدولة اليمنية ومصالح الشعب اليمني وأمنه واستقراره واستقلاله ووحدة وسلامة أراضيه تحت قيادة الرئيس الشرعي لليمن، والتصدي لانقلاب المليشيا الحوثية الإرهابية والتنظيمات الإرهابية الأخرى».


لقد أضاعت الأطراف السياسية اليمنية فرصاً ثمينة سابقاً كان بإمكانها إنقاذ اليمن أو على الأقل وقف تدهور أوضاعه إلى هذا الحد، لقد نسي أو تناسى أو تغافل البعض منهم عن خطأ التصلب في الرأي والتمترس بالقناعات الخاصة المحدودة في أفقها التي لا تضع في الاعتبار الصالح اليمني بعمومه. نظر كل طرف إلى الحيز الذي يقع فيه فقط والأهداف التي يسعى لتحقيقها لا أكثر. تم استحضار كل التراكمات التأريخية في وقت غير مناسب وظروف حرجة تتعدى أهميتها الجزئيات والتفاصيل المختلف عليها لوقت طويل إلى قضية وجودية لليمن كله في هذا الوقت، وإذا كان الفرقاء الآن يلومون من سبقوهم فإنهم سيلامون أكثر لأنهم يحظون بدعم ومساندة الحريصين على اليمن ومع ذلك يهدرون الفرصة تلو الأخرى.

من أكبر وأخطر الأخطاء السياسية فتح ملفات جانبية وإذكاء خلافاتها على حساب الملف الرئيسي الذي يعاني منه اليمن؛ ملف اختطافه وتفتيته وتحويله إلى ساحة مكتظة بالفوضى والفقر والمرض والدمار. الملف الرئيسي هو إنهاء تجيير الدولة لصالح مليشيا تفتقد في أيديولوجيتها إلى القومية العربية والعقيدة الوطنية، وتريد اليمن ملحقاً وتابعاً لنظام يهدد الكيان العربي بكل أجزائه. وعندما يضاف تحريك ملف الانفصال في الجنوب الآن وبالطريقة التي حدثت وأدت إلى احتراب وقتلى ومواجهة سياسية وإعلامية عنيفة فذلك خلط للأوراق والأولويات يفتقد المنطق وحسن النية والثقة في أن من يتبناه بهذه الطريقة وفي هذا التوقيت يريد فعلاً الخير لليمن وشعبه المغلوب على أمره.

قلنا ونكرر القول إن هناك ملاحظات كثيرة مهمة على حكومة الشرعية اليمنية لا بد من تصحيحها، انتقدنا حكومة الرئيس هادي بشدة لكن هذا لا يعني أن يهدم اليمنيون البيت الكبير على من فيه بسببها. فرصة الحوار الذي دعت إليه المملكة مؤخراً بين جميع الأطراف تمثل محاولة إنعاش لقلب اليمن العليل، ولا نريد أن يكون تفويتها عمداً المسمار الأخير الذي يُدق في نعش محاولات الحلول لإنقاذ اليمن. أنقذوا اليمن أولاً ثم ابحثوا التفاصيل لاحقاً.

* كاتب سعودي

habutalib@hotmail.com