-A +A
حسين شبكشي
إذا كانت السعودية تعرف قديما من خلال وزير الطاقة بسبب ثقلها النفطي الاستثنائي، وهي المسألة البالغة التأثير على الساحة الاقتصادية العالمية، أو من خلال وزارة الخارجية نظرا لثقلها السياسي والدبلوماسي على الصعيد الإقليمي والشرق أوسطي، أو من خلال وزارة الحج والعمرة، تلك الوزارة الفريدة من نوعها، فهي المسؤولة عن تسهيلات مناسك الحجاج والمعتمرين من حول العالم ولذلك الأثر الواضح لحياة بليون وأربعمائة مليون مسلم.

ولكن أعتقد أن الحقبة الحالية ستكون من نصيب وزارة الثقافة. وزارة الثقافة يتبوأها الأمير الشاب بدر بن عبدالله بن فرحان، وصاحب الحضور الفعال والناجح والمؤثر جدا. وفي نفس الوقت يلقى قبولا شعبيا عريضا. مهمته تاريخية وتحديه استثنائي. التحدي والمسؤولية تتخطى استضافة فنانين في مهرجانات أو السماح بكتب في معارض، بل هو تكثيف فكر التسامح في جينات المجتمع لينعكس على الآداب والفنون التي نستضيفها والتي نصدرها. غير خافٍ على أحد وليس بسر حجم مساحة التشدد وسيطرة الخطاب غير المتسامح على المشهد العام في العقود الثلاثة الماضية، ولذلك مهمة وزارة الثقافة ستكون إعادة إبراز الشخصية السعودية الفطرية التي خطفت، والتي تم قولبتها في شكل معين. الثقافة هي أحد أهم الأسلحة الناعمة لدول مختلفة نجحت في توظيفها بذكاء ومهارة وفعالية. هناك كنوز من الثراء والتنوع الموجود في بلاد بحجم السعودية كان من السخف محاولة قولبتها قديما في قالب نمطي وحيد وفشلت تلك المحاولة. إنها حقبة وزارة الثقافة التي من المفروض أن تتبنى الخطاب الإعلامي الموجه للآخر، فهي أكثر ديناميكية وأكثر فعالية من غيرها. هي مطالبة بالانفتاح على الجاليات السعودية في الدول المختلفة حول العالم (نعم هناك جاليات سعودية في الخارج!) وفتح الجسور معها للتواصل وإبراز قصص النجاح فيها هناك داخل تلك المجتمعات، فهي أكثر مصداقية من حملات العلاقات العامة والإعلانات المدفوعة. حقبة وزارة الثقافة حقبة آن أوانها ونجاحها مطلوب لأنه سيكون عنوان المرحلة بحق.


* كاتب سعودي