-A +A
وفاء الرشيد
نعم والكل ساكت! ولماذا؟ هل لأنهن نساء والفضيلة والعار مقصوران عليهن؟

هل يعقل أن تنتهي محكومية سجينة أو نزيلة بيت ضيافة وتبقى مسجونة لسنين فقط لأن ولي الأمر لم يستلمها... بعضهن كن في سن مراهقة وطيش؛ تحدثت مع شاب أو قابلته أو كانت معه بسيارته تبحث عن حب أو تتبع ميولا لم تحجمه أو حلما فاشلا. وليكن... نعم وليكن. من منا بلا ذنب، ومن منا معصوم من الخطأ! لنصدر حكما عليهن مدى الحياة بالنفي منها! هل نحول نحن نزيلات الإيواء الجبري اللاتي زللن بذنب قد تعتبره مجتمعات إسلامية أخرى طبيعيا إلى سجينات لمدى الحياة؟ لم يرحمهن أهاليهن ولا نظام الإيواء إن وجد، الذي فيه مخالفة للنظام الأساسي للحكم وخاصة المادة «٣٦» التي تنص على أنه «لا يجوز تقييد تصرفات أحد أو توقيفه إلا بموجب أحكام النظام»! وأزيد على ذلك أن الأمر السامي رقم «٣٣٣٢٢» القاضي بتأكيد عدم مطالبة المرأة بالحصول على موافقة ولي أمرها عند تقديم الخدمات أو إنهاء الإجراءات الخاصة بها إن لم يكن سندا نظاميا لهذا الطلب... ولا يوجد سند نظامي لهذا الطلب في نظام السجن لا في المادة ٦ ولا المادة ٢١، إذا اعتبرناها سجينة بالأصل... إن الحقيقة المؤلمة بين كل هذا أن دور الضيافة ليس بها نظام أو لائحة حتى يومنا هذا، فلذلك كل يوم يمتد فيه سجنهن بعد انتهاء الحكم يعتبر ظلماً... ليتحول بيت الضيافة أو الإيواء إلى سجن أبدي مدى الحياة.


المؤلم قرائي أن قاتل النفس في مجتمعي وعن عمد يجد من يسمسر له لجمع ديته... وتطرق له أبواب كبار القوم ليسعوا للتوسط لعتق رقبته! تجمع الملايين لقاتل نفس (وهي عادة من الجاهلية لا تمت للإسلام ولي فيها حديث آخر)، ويطلق القاتل حرا ينطلق بيننا، وتدوي الزغاريد، والولائم تمد لمجرم أزهق روحا وكسر قلب أم وأطفال للأبد... أما نزيلة بيت الضيافة فهي تستحق أن ترمى فيه مدى الحياة لأن ذكورها جبناء بمجتمع جبان لا يحتمل أن يرى زلة امرأة أو أن يسامح بينما الله خالقها يغفر.

تم تفعيل قرار إلغاء الوصاية على النساء، وأصبح من حقوقها أن تغادر البلاد وتسافر بلا إذن ولي أمر بعد سن الواحد والعشرين، لأن الحكومة اعتبرت من هن فوق ٢١ راشدات، فكيف لمواطنة أخت لها فوق سن الواحد والعشرين، من جهة أخرى، عاجزة أن تخرج من عتبة دار انتهت مدة توقيفها فيها لسبب واحد وهو وصاية رجل! وقد يكون هذا الأخ أو الأب أو ابن العم مدمنا أو عربيدا أو بكل بساطة لا يرحم ولا يخاف الله فيها.. خوفا من المجتمع... وقد يكون وقد يكون... فمن سينصفها إلا القانون؟

أعرف قصصا عالمية لنساء خرجن من تجارب أقسى وأصبحن من أنجح الشخصيات في بلادهن، وتحولن إلى مناضلات لنصرة المظلوم.. فالصعاب لا تجعل منك إلا إنسانا أقوى إن لم تكسر الروح! فالروح إذا كسرت قد تتحول هذه الفتاة إلى روح مدمرة ومنتقمة من كل من هو أمامها بأمارة مجتمع خذلها.

هذا ظلم بيّن لنساء هن من وطني وهن أخوات لنا لم يجدن من ينصفهن ووجب الوقوف معهن، وأنا أعرف مدى حساسية الموضوع وكم هو من الصعب جدا الدفاع عنهن في مجتمع كمجتمعنا، لأننا مجتمع لا يرحم النساء إذا أذنبن ولا يبرر لهن زلاتهن الأخلاقية لذكوريته، متناسين أن عقاب الذكر والأنثى أمام الله واحد، فلذلك لا نصير لي بينكم إلا الحكومة، وولاة الأمر هم المدبرون لهذه الحشود بنصوص قانون تقنن علاقة كل مواطن من الآخر فيها ولا سلطة فوق سلطة القانون. وأرى أن يجتمع محامون شرفاء ليدافعوا عن هؤلاء النزيلات من الظلم الواقع عليهن، فالله نفسه خالقنا غفور رحيم.

* كاتبة سعودي

WwaaffaaA@