-A +A
عبدالله صادق دحلان
من أزمة إلى أزمة يعيش الاقتصاد العالمي بصفة عامة والاقتصاد الخليجي بصفة خاصة نتيجة عوامل لا ذنب لنا فيها ولكننا نتأثر ونؤثر في الاقتصاد العالمي حسب حجم ونوع التعاون الاقتصادي معه، ومع بداية الحرب التجارية بين الصين والولايات المتحدة التي لا زالت مستمرة تضطرب أسواق المال العالمية نتيجة هذا الخلاف التجاري وتنعكس آثاره على حجم التجارة البينية بينهم والذي يؤدي إلى انخفاض نسب النمو وتنعكس بدورها قيمة الأسهم العالمية للشركات المستثمرة بين البلدين وعلى وجه الخصوص الشركات الأمريكية في الصين، وفي كل تغريدة لأحد الرئيسين الأمريكي والصيني ترتفع أو تنخفض أسواق الأسهم في البلدين وفي البورصات العالمية بصفة عامة، ومع استمرار هذه الأزمة والتي قد تطول انطلقت أزمة سلامة السفن التجارية ناقلات البترول من منابعه في دول الخليج إلى بقية دول العالم الصناعية، وتعرّض بعض هذه السفن إلى اعتداءات من إيران في الطرف الشرقي من الخليج العربي مما سيؤثر على تدفق البترول إلى الدول الصناعية وسيسهم في خلق روح القلق ومنها سيؤدي إلى ارتفاع أسعاره عالميا.

ولحماية السفن التجارية ناقلات البترول في دول الخليج ولحماية وصول البترول إلى الدول الصناعية تدخلت بعض الدول العظمى أمريكا وبريطانيا وقد تنضم لها بعض الدول لحماية حركة الملاحة في الخليج وأن أي توتر سوف يؤدي إلى حرب على إيران وبالتالي توقف الملاحة في الخليج سيحدث أزمة عالمية في أهم منتج للطاقة وهو البترول والغاز الخليجي.


ومع التوتر القائم في الخليج العربي تظهر الأزمة الجديدة قبل نهاية العام الهجري الحالي (1440هـ) وهو عام عاش فيه الاقتصاد العالمي توترات عديدة، وآخرها الأزمة السياسية والعسكرية بين الهند وباكستان والتي تمثل قوتين اقتصادية وعسكرية مهمتين لقارة آسيا ولإقليم جنوب آسيا ولا سيما أنهما تملكان قنابل ذرية استخدامها سيؤدي إلى كارثة القرن.

وبصرف النظر من هو صاحب الحق ومن هو المعتدي على الآخر فإن الآثار الاقتصادية السيئة ستكون عليهما وعلى جميع دول الجوار لهما، وبصفة خاصة على دول الخليج العربي والتي تمثل حجم التجارة مع الدولتين بمتوسط 20% من حجم التجارة الخارجية بها.

علما بأن الاقتصاد الهندي من أعلى اقتصادات العالم نموا وقد حاز في العام الماضي على المرتبة الخامسة عالميا متجاوزا الاقتصاد البريطاني والفرنسي حسب تقارير البنك الدولي، والباكستان والهند ضمن اتحاد جنوب آسيا للتعاون الإقليمي الذي يضم بنغلاديش وسيريلانكا ونيبال وجزر المالديف وبوتان وأفغانستان وبينهم اتفاقية للتجارة الحرة دعما للتكامل الاقتصادي بينهم، وفي وجهة نظري وحسب المعطيات الرقمية لحجم التجارة والاستثمار بين دول الخليج والهند وباكستان ستكون دول الخليج وعلى رأسها المملكة العربية السعودية من أكبر المتضررين في أزمة الهند وباكستان فحجم التجارة بين دول الخليج والهند قيمته (103) مليارات دولار وحجم التجارة مع باكستان حوالى (15.6) مليار دولار وتأتي الهند في المرتبة الثالثة عالميا من حيث استيراد النفط وتحصل على (37%) من نفطها من دول الخليج.

وتحصل باكستان على معظم وارداتها النفطية من دول الخليج وفي مجال التجارة مع دول الخليج فحجم التجارة بين الهند والإمارات بمبلغ (35) مليار دولار، ومع السعودية (26) مليار دولار ومع قطر (9) مليارات دولار ومع الكويت (7) مليارات دولار والبحرين (900) مليون دولار.

أما حجم التجارة مع باكستان تأتي الإمارات في المرتبة الاولى بحوالى (8) مليارات دولار والسعودية (3) مليارات دولار وقطر(1.7) مليار دولار والكويت (1.6) مليار دولار وسلطنة عمان (800) مليون دولار ومع البحرين مليون دولار.

أما حجم الاستثمارات الخليجية في الهند وباكستان فهي ضخمة جدا وأي حرب تقوم بين البلدين سوف تتأثر الاستثمارات الخليجية وعلى رأسها الاستثمارات السعودية وستكون خسارة كبيرة على استثماراتنا خارج الوطن.

أما الآثار السلبية الاجتماعية على الشعب الهندي والباكستاني وعلى وجه الخصوص في المنطقة المتنازع عليها ستنعكس آثارها أيضا على العمالة الهندية والباكستانية في دول الخليج - وهي الأعلى نسبة بالنسبة للعمالة الخليجية في دول الخليج - حيث تتجاوز 3 ملايين في المملكة العربية السعودية والأغلبية من الجالية الهندية، وإذا جاز لي الاقتراح فإنني أتمنى على دول الخليج وعلى رأسها المملكة العربية السعودية الدولة المحايدة ومركز العالم الإسلامي صاحبة الثقل السياسي والاقتصادي بقارة آسيا والعالم الإسلامي أن تدفع بكل قوتها الدبلوماسية والاقتصادية والإسلامية لوقف هذا التوتر الذي سيضر قارة آسيا بأكملها ودول جنوب آسيا بأكملها ودول الخليج في غرب آسيا، وأخشى ما أخشاه لو ازدادت حدة التوترات أن تصل إلى استخدام القوة الذرية التي تملكها الدولتان الجارتان.

* كاتب اقتصادي سعودي