-A +A
بشرى فيصل السباعي
أهم سمة للتحضر هو أنه كلما تطور الناس بعدوا عن العنف ومالوا إلى اللطف حتى مع الحيوانات، وهذا سبب انتشار تيار النباتيين في الغرب والعالم، وعادة ما يتخذون قرار الامتناع عن اللحوم بعد مشاهدة عملية قتل الحيوان بأية طريقة كانت، أو مشاهدة فيلم وثائقي عن الظروف السيئة لحياة الحيوانات بمصانع الدواجن، فبسبب كون غالب الناس المتحضرين يحصلون على اللحوم مقطعة بدون أن يكون لديهم أدنى اطلاع على عملية قتلها وظروف حياتها فيمكنهم متابعة تناولها، لكن ما إن يشاهدوا عملية قتلها ولو لمرة واحدة حتى يفقدوا القدرة على تناولها، فالتطور الحضاري جعلهم أرهف حساسية لتباعدهم عن تبلد معايشة قسوة الحياة الطبيعية، ولهذا بشكل متصاعد ما عاد الناس يذبحون الأضاحي بأيديهم إنما يستعينون بجزار لذبحها، ومن يحاولون ذبحها تتعذب جدا بأيديهم بسبب افتقارهم للقسوة اللازمة للذبح السريع، ولهذا في عيد الأضحى يدخل مئات المسلمين للمستشفيات بسبب إصابتهم أنفسهم أثناء عملية الذبح، والإسلام لا يستنكر رحمة الناس بالحيوان لدرجة الامتناع عن ذبحه بل على العكس فقد جاء رجل للنبي وقال: (إني لأرحم الشاة أن أذبحها، فقال النبي: والشاة إن رحمتها، رحمك الله مرتين). البخاري في الأدب المفرد، وأحمد. وقال: (من رحم ذبيحة رحمه الله يوم القيامة، وفي رواية؛ من رحم ولو ذبيحة عصفور رحمه الله يوم القيامة) أخرجه البخاري في الأدب المفرد، والطبراني. وحث النبي على كل ما يمكن أن يقلل المعاناة المادية والنفسية للحيوان عند قتله؛ (إن الله كتب الإحسان على كل شيء، فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة، وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبح، وليحد أحدكم شفرته، فليرح ذبيحته) مسلم. ولما مر النبي على رجل أضجع شاة وهو يحد شفرته، قال له النبي: (أتريد أن تميتها موتات، هلا أحددت شفرتك قبل أن تضجعها) الحاكم. قارن هذا الحديث بواقع ذبح الحيوانات أمام بعضها في المسالخ، وتصوير الناس مقاطع مطاردتها بالسكاكين لذبحها كمقاطع مضحكة! ولهذا التطور الذي يمكن أن يطرأ على ذبح الحيوانات في عيد الأضحى وبالمسالخ بالعموم هو تخدير الحيوانات بالغاز أو بمادة مخدرة توضع بطعامهم وشرابهم قبيل ذبحهم وليس بالصعق كالغرب، وقد أفتى بجواز تخدير الحيوان قبل ذبحه الشيخ «ابن باز» الفتوى رقم ‏(‏7301‏)، والفتوى رقم ‏(‏18476‏)‏ فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء/المجموعة الرابعة. وأيضا أفتى الشيخ «ابن عثيمين» بجواز تخدير الحيوان قبل ذبحه «فتاوى نور على الدرب، فتاوى الأطعمة والذكاة والصيد/الشريط رقم [1]».

bushra.sbe@gmail.com