-A +A
هيلة المشوح
في دولة سلمان الحزم -السعودية الجديدة- الكل أسد بحقوقه، وبحسب ما صرح به ولي العهد -مراراً وتكراراً- وحسب أولوياته في ترتيب رقعة الوطن البشرية التي استشعر كل مواطن فيها بضمان حقوقه، فإدراج الكثير من الأنظمة والقوانين التي تضمن ذلك ليس إلا تاصيلاً لتلك الحقوق وحفظها، وبالطبع فإن المرأة جزء لا يتجزأ من هذه المنظومة البشرية المتكاملة فكان لها الحصة الأكبر أو نصيب الأسد في الحصول على حقوقها التي سلبت منها اجتماعياً أو دينياً في السابق وفي زمن الصحوة وما تلاه، وأقول نصيب الأسد ليس تمييزاً أو انتقاصاً من الفئات الأخرى بل استخداماً لذات المفردة التي وردت في مقال أحد الزملاء في «عكاظ» حين أراد تجيير ارتفاع نسبة الطلاق إلى «استئساد المرأة».. ولم يوفق في التفريق بين (استئساد واستقلال) فهيئ له أن المرأة لم تكن تنتظر إلا إشارة كي تتمرد وتتخلص من أعباء الزواج بالطلاق ولا أعلم ماذا سيكتب الزميل لو أصبحت ولاية المرأة بيدها وهذا وارد مستقبلاً!

لم يستطع البعض الخروج من دائرة الحقوق التي منحت وحسمت وانتهت، بل ما زالوا يتناقشون حول هل تستحق المرأة هذه الحقوق أم لا، وما الذي تغير بعد قيادتها وكم امرأة قادت وهل وظيفتها سبب في استغنائها عن الرجل؟ وهل عملها المختلط غيّر قناعاتها في الزواج وتكوين العائلة ..إلخ من هذه التحليلات التي لم ينفك البعض من اجترارها، وحسب اعتقادي أن مصدرها واحد وهم فئة الممانعة التي لم تتقبل الواقع فلجأت إلى تفريغ ممانعتها على شكل تحليلات وآراء لا تقدم ولا تؤخر وهم كالذي يدور في دائرة مفرغة، وهو حال الزميل الذي دبج مقالاً «يحلل» فيه تأثير حصول المرأة على حقوقها الذي تسبب بارتفاع نسبة الطلاق ولكي أبسط لكم المعادلة الطريفة فهو يعتقد أن المرأة استأسدت بعد أن قادت سيارتها وتوظفت والأطرف من ذلك اعتقاده بأن سرعة إنجاز قضاياها في محاكم الأحوال الشخصية (الخلع، والنفقة والحضانة، وفسخ النكاح والعضل والتزويج ..إلخ)ساهم أيضاً في هذا الارتفاع وكأنه يفضل تأخير إجراءات الأحوال الشخصية ونزع حقوق المرأة التي حصلت عليها مؤخراً كي تعود نسبة الطلاق إلى وضعها الطبيعي رغم شكوكي في نسبته التي أوردها ورغم يقيني أن الطلاق حالة عامة في كل المجتمعات، أما المفارقة فهي أن كل ما حصلت عليه المرأة هي حقوق طبيعية طالب بها الكثير من الرجال لزوجاتهم وبناتهم وهنا مكمن الوعي!


أخيراً.. كل ما في الأمر يا سادة أن المرأة «استقلت» مادياً واجتماعياً بحقوقها الحضارية ولم تستغن عن الرجل الذي تكمله ويكملها ويحقق جزءا كبيرا من احتياجها العاطفي والاجتماعي، وبالتأكيد يمنحها الأمومة التي تتخلق مع الأنثى منذ نعومة أظفارها، إذن فالمرأة نالت حقوقها وستنال المزيد وستبقى أنثى بفطرتها، وستبقى المرأة السعودية مضرب المثل في العطاء والصبر والإنجاز قبل الحقوق وبعدها.