-A +A
حمود أبو طالب
كان وكيل وزارة الصحة الذي زار جازان مؤخرا للوقوف على تجهيز مستشفاها المحترق محور تعليقات وسائل التواصل وحديث المجتمع في المنطقة وخارجها، وللأسف لم يكن حديث إعجاب أو إشادة أو رضا بل حديث استياء وتندر وسخرية، لأنه بالإضافة إلى استخفافه بعقول الناس فإنه أعطى صورة سلبية عن بعض نماذج المسؤولية في المواقع القيادية التي تتخذ القرار بشأن مصالح الناس وخدماتهم، لأن المسألة في بعض المواقف ومن مسؤولين في هذا المستوى لا تؤخذ على أنها غلطة لسان أو شطحة خيال بل فكر إداري وأسلوب عمل ومنهج في التعامل مع الجمهور.

لقد تعودنا على صيغة الأفضل والأحسن التي يستخدمها كثير من المسؤولين بشكل مجاني في وصف مشاريع وخدمات عادية، لكننا نخشى من تدشين مرحلة جديدة هي مرحلة «لا مثيل له في العالم»، وهذا تطور نوعي خطير عندما تكون الحقيقة التي يعرفها الجميع لا علاقة لها بمثل هذا القول المرسل. مشكلة وكيل وزارة الصحة الذي قال إن «تجهيز مستشفى جازان غير موجود في أي مستشفى في العالم» هي مشكلة مركبة ومعقدة ولولا ذلك ما كانت هناك حاجة للحديث عن تصريحه، المشكلة تتلخص في أنه يتحدث عن مرفق صحي وأنتم تعرفون انطباع المواطن عن مرافق الصحة، والأهم أنه يتحدث عن مرفق شهد كارثة قبل سنوات لم يلتئم جرحها بعد، واستمرت عملية إصلاحه كولادة متعسرة لا تبشر بخروج مولود سليم، ورغم هذه الحقيقة التي يعرفها ويشاهدها الجميع يقول هذا المسؤول من تحت أحد سقوف المستشفى المكشوفة وبثقة كبيرة إن تجهيزه غير موجود في العالم.


المشكلة أن وكيل الوزارة قال ذلك وهو بجانب أمير المنطقة، وكان الأحرى به أن يسأل عن الأمير محمد بن ناصر قبل مجيئه إلى جازان وقبل أن يتورط في ذلك التصريح كي يعرف أي نوع هو من المسؤولين، ولو فعل لعرف أنه المسؤول المتابع لكل التفاصيل والحريص على جودة الإنجاز والملم بكل المعلومات عن أي مشروع، لكنه لا يستسيغ المبالغات ولا يحب الإنشاء ولا تنطلي عليه العبارات الوهمية المزخرفة، كما كان على سعادة الوكيل أن يسأل عن الحالة النفسية لأبناء المنطقة نتيجة علاقتهم مع مرافق وزارة الصحة، ومع هذا المستشفى بالذات لأنه الوحيد في مدينة جازان ومنذ احتراقه أصبحت المدينة بلا مستشفى، وكان على وزارة الصحة إعادة تأهيله بأقصى سرعة بدلاً من الزج به في نفق المشاريع الروتينية.

على أي حال، كلنا نتمنى أن تكون لدينا مشاريع لا مثيل لها في العالم، ونحن مؤهلون لذلك، لكن وكيل وزارة الصحة قال الكلام الخطأ في التوقيت الخطأ وعن المشروع الخطأ، سامحه الله.