-A +A
حمود أبو طالب
في وقت مضى كان مجرد ذكر اسم «إدارة المباحث» باعثاً للخوف بسبب الصورة الذهنية السلبية التي انطبعت لدى كثير من الناس نتيجة قصور المعرفة بحقيقة وطبيعة دورها كجهاز أمني يعمل بطريقته الخاصة لحماية الوطن، وربما نُسجت قصص وحكايات تشوبها المبالغة عما يحدث في تلك الإدارات من إجراءات، ليس مبعثها سوى الحساسية الشديدة منها كجهاز تم تصنيفه خطأً بأنه يتعقب المواطن ويتنصت عليه ويحصي أنفاسه دون سبب، وربما لم تتغير الصورة ويتم تصحيحها تلقائيا إلا بعد أن أصبح هذا الجهاز يتواصل مع المجتمع إعلاميا بعد نشوء عاصفة الإرهاب ليتأكد الناس من الجهود الجبارة التي يقوم بها لحماية الوطن عن طريق الضربات الاستباقية التي أحبطت أخطاراً جسيمة، إضافة إلى اشتراكه مع بقية أجهزة الدولة في استتباب الأمن من محاولات العابثين باختلاف دوافعهم ومنطلقاتهم.

تغيرت الصورة تماماً عن هذا الجهاز لدى المواطن الواعي الذي يعرف ويقدّر معنى الأمن وأهميته ويرى ما حل بأوطان أخرى نتيجة التساهل في استتباب الأمن والأخذ على أيدي العابثين به، وزاد التقدير له لأنه يتعامل مع أشخاص أو تنظيمات تعمل في الخفاء وتتربص في السر، منهجها الغدر والمفاجأة، ولم يعد يكرّس صورة سلبية عن هذا الجهاز الأمني سوى الذين لا يهمهم أمن الوطن أو الذين ما زالوا يجهلون كيف أمكن استتبابه في وطن شاسع المساحة يتعرض لأخطار من جهات عديدة، أو لديهم أسباب أخرى لا تتسق مع مفهوم المواطنة الحقة. فعندما تكون مواطناً صالحاً حريصاً على وطنك فمن الطبيعي أن تعتبر هذا الجهاز صديق المواطن لأنه يحميك ويذود عنك، كن مع الوطن في السر والعلن لتتأكد أنه لن يمسك ضير ولن يخيفك أو يتعرض لك مسؤول في المباحث أو غيرها.


(للحديث بقية)