-A +A
أسعد عبدالكريم الفريح
زيد من الناس، بينما كان في مهمة لعمله الخاص يقود سيارته البيضاء موديل 67 كما هي عادته لا يشتري إلا السيارات البيضاء اللون، ومر على موديلها 10 سنوات على الأقل وأنت نازل، أما وأنت طالع هذه انساها، فهو دايم يدندن قديمك نديمك ولو الجديد أغناك وإذا سألوه عن سر اللون الأبيض رد هوا في أحسن من البياض، لون لا يختلف عليه مليون مش اثنين برأيي، هو سيد الألوان، أولا يشرح الخاطر ويملا العين، ثانيا هو لون الإحرام في الحج والعمرة، ومعصي وراسي وألف سيف لا أحد يقلّي في لون أجمل من كدا، وبعدين أريّح دماغي لا يقولوا إني اتحادي أو هلالي أو أهلاوي أو نصراوي... إلخ، أنديتنا العزيزة على قلبي. وبالمناسبة مرة حصل الله يكرمكم ومن يقرأ، أني كنت انتعل حذاءً «مداس» وبالصدفة يشبه لونه شعار نادي جماهيري وأنا ماشي قابلني واحد وقال بصوت عالي، أنت يا قليل الذوق حضرتك ما لقيت إلا لون نادينا تحطه في رجلك والله صحيح بني آدم ما عندك نظر.. طالعت فيه من تحت النظارة، وأنا أهزهزها بيدي يعني عندي نظر ونص، وما رديت عليه، لكن كل مشاعر خيبة الأمل تملكتني وقلت الله يعوض في عقول بعض الناس، هل يوجد هكذا بشر ينزل تفكيره إلى هذا الحد الأدنى من السخف، وقلة العقل صدق اللي قال العقل زينة.

المهم مضى صاحبنا وتلك الأفكار تعبر في مخيلته ومضة من هنا وأخرى من هناك ويرد على مكالمة من زوجته، كيفك ياحمدتو وين داير حتى دحين؟ مافيش فايدة كل يوم تأخرنا على الغدا واللي يشوفك يقول ياما هنا ياما هناك، طيب أنا بخير يافتو ايش تبغي، ترد اشبك تجرني من رجلي وي ايش أنا غلطت في البخاري؟!، قال مو انتي برضه مو جرّيتيني بس انتي سحلتيني على ملا وشي قولي على الأقل يابو أحمد، ردت طيب مو انت برضو قلت يا فتو كدا حاف، قلها مو برد عليكي بطريقتك يختي، ما تبغي كلامي حاف يعني من فين أجيب لك شريك إحنا بجدة والشريك اللي يسيل له اللعاب الله يكفينا شر لعابك تختص به المدينة المنورة، ردت أقلك أصلو أنا غلطانة اللي اتصلت عليك، وقفلت الخط في وجهه، توتر الرجل ورمى الجوال على المقعدة وهو ينظر إليه ويقول والله ما يجي منك إلا الهم والغم، كنّا مرتاحين دون جوالات، يا دوب نكون في مجلس وفيه تلفون.. الله لا يكسبه اللى اخترع لنا الامتحان هذا، بس مع تلك الالتفاته إلى الجوال وعينه ما تشوف إلا النور صدمته سيارة إنسان متهور تسببتها تلك النظرة التي لم تستغرق ثواني ونقل إلى المستشفى، وهو فاقد الوعي وبقي في المستشفى سنوات عدة، لا يعلم بما يدور حوله لا حركة ولا كلام، وقد استسلم الأهل والأصحاب لقدر الله ولا حول ولا قوة إلا بالله، وصاروا يتناوبون عَلى زيارته كل شهر مرة بعدما كانت كل يوم ثم كل يومين وكل أسبوع والآن كل شهر والظاهر أنه حل الوقت الذي يتماشى مع أغنية فيروز زوروني كل سنة مرة حرام تنسوني بالمرة، وليلة رن الهاتف الجوال رفعت السماعة فتو نعم مين انت اللي بتدق آخر الليل؟، قال أنا المستشفى قالت وه يا خويا، هو مات؟، رد لا أبشرك قبل شوية فاق من الغيبوبة وأول ما سأل عنك وعن الأولاد، وقامت تغطرف وسمعوا الأبناء الزغاريد ايش فيه يا أمي؟! قالت أبوكم فاق ولكن برضه زي عادته ما يبطل تأخير يالله نجيبه. وصلوا والتقوا به وأول ما شافها قال تري أنا ما نسيت كلامك في الجوال اللي زي السم صاحت بأعلى صوتها ومين قال لك أنا نسيت لسانك اللي يكنس ويرش.. شايفين يا أولاد يخارجكم كدا أهو رجعنا للنكد.