-A +A
محمد بن سليمان الأحيدب
يبلي كل من الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد وديوان المراقبة العامة بلاء حسنا في تقصي الحقائق حول شبه الفساد في بعض الوزارات والمؤسسات الحكومية، خاصة في ما يتعلق بالمال العام، وتحصيل الاستثمارات والرواتب الإضافية والبدلات وعدالة فرص التوظيف والترقيات.

وطبيعي جدا أن تواجه تلك الجهات الرقابية مقاومة شرسة تتمثل في إخفاء المعلومات وتنظيف بعض الملفات وعبارة (لا تقولون لهم ولا تعطونهم وصرفوهم)، ولذا فإنني أقترح أن تتواصل الجهات الرقابية مع صغار الموظفين البعيدين عن مثلث برمودا الذي يعصف بالحقائق ويخفيها (الرئيس والمدير التنفيذي للشؤون المالية ومدير التشغيل) فصغار الموظفين لديهم الحقيقة والمعلومة السرية والمعاناة، وبعض الوثائق التي لا بد أن تمر عليهم بحكم طبيعة العمل وقد يخفيها المتورط عند المراجعة.


وقد أذهب إلى أبعد من مجرد سؤال بعض صغار الموظفين إلى ما هو أشمل وأعم؛ وهو إجراء حوارات مفتوحة يدعى لها جميع الموظفين (دون انتقائية) وتترك لهم الحرية في قول ما يريدون قوله علانية مع فرصة لتلقي بلاغاتهم بطريقة سرية، ولكنها طريقة مسؤولة مثل الكتابة للمحقق مباشرة أو عن طريق الإيميل بما يحفظ سرية البلاغ وحق حماية المبلغ وفي ذات الوقت تقليل احتمال البلاغات الكيدية بتحميل المسؤولية عن صحة ودقة المعلومة.

أذكر ذات مقال قديم كتبته في صحيفة (الرياض) عن مكتب إيواء الخادمات بالرياض، أن أمير الرياض آنذاك، ملك الحزم والعزم اليوم، خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز شكل لجنة لتقصي الأمر والتحقيق داخل المكتب، وكانت إحدى الموظفات (مصدري) تتواصل معي هاتفيا، فتقول أتت اللجنة ولكنهم يعرضون عليها موظفات مواليات لهم ويبعدوننا عن المشهد!، وأبلغت رئيس اللجنة فطلبها واكتشف أكثر مما كنا نتوقع.

في غالب المؤسسات هناك مثلث برمودا لا يقل غموضا عن المثلث الجغرافي، يتكون غالبا من الرئيس والمدير المالي والمنتفعين، وهذا المثلث يجيد التهام الحقائق وعرقلة التحقيق في التهم، وإخفاء جبال من الملفات الشائكة المشكوك في نزاهتها.