-A +A
علي بن محمد الرباعي
شرّف الإخوة الثلاثة وأبناؤهم على شعيب مقفر. رغى بعير (ضيف الله) عندما شم رائحة النوق، كان عدد من السيدات يجمعن كعماً لشب النار. حرّكت إحداهن غطوتها فجفل البعير ونكس ضيف الله على رقبته بينهن، فيما ردد أخوه «جارالله» ذقها ليتك من فوق شدا. استنجدت النساء بذويهن، فخرج شاب مفتول الشوارب، ومسك ضيف الله من قفاته، واقتاده إلى تحت خدر في طرف الشعيب، وإخوته وأولادهم وراه.

طلب صاحب البيت من الشاب أبو شوارب يرمي بالبندق ثلاث طلقات، فتقاطرت حمولتهم إلى مضافة عامرة بالدلال. طلبوا الماء فجاءتهم فتاة كما النخلة بغضارة نحاس تطفح، شربوا بعد تردد وعيونهم مغمضة حتى لا يرون الذرانيح، فيما وضع بدوي طرف شماغه على الغضارة ليصفي الماء فتلافت الحضر في بعضهم.


بغى (جارالله) يبدع الهرجة ويشرح لأهل الدار سبب قدومهم. فأبى البدوي يخليه يكمّل. وبعد دورة القهوة، دعاهم للعشاء على كثيرة الشحم، كان البدو يمدون أيديهم في اللحم الحار وكأنه ماء بارد، فيما الحضر ينفخون أصابعهم بعد كل لقمة، تعشوا وأخذوا علم وأعطوا علم، ونشبت النشوب بينهم، الحضر يبغون الخروف، والبدو يطالبون بثأر انتهاك محارمهم.

قال كبير البدو: غثّنا الجرثومة، عطونا نشيد، فتقدم شاعرهم وقال: «يا صاحبي يا كم يونّ القلب من جور، من راعيٌ دارى رعيّه، يا ليت لك شربة وتشفيك، من نوق ترعى برّ وشعيب، أنا دخيل الله يا وبّال هب لي».

فقال (ضيف الله) لأخيه جارالله: عندك وإلا عندي، قال لا والله إلا دلوك وتلقّاه، فتهيّض وزفر ثم ردّ: «سلام يا خوطن من الأصدار منجور، مير حامي الصُدْر عيّه، وأنت يا خي قول وشفيك، أوزيتنا نحمل مشاعيب، ورفيقنا منا وفينا وابله إبلي».

سألهم صاحب الدار: أنتم طلّابة حق وإلا مدورين فتنة؟ لم يجرؤ أحد منهم على الكلام. عاد ضيف الله وجارالله أيد قدام وأيد ورا، عاتب العريفة قائلاً: كلها منك يا عريفة صديت عني تسمع الطرب وأنا في ضيق، فردّ عليه، بل الشرهة عليك يا حسيلان تجيني يوم راحتي وتبغاني أغدي أتطرد السفان في الشعبان. يوم راحتي لو تبغيني انخش عينك. كلما تذكر ضيف الله القصة ردد «بغينا ضأنهم وراحت بعاريننا». علمي وسلامتكم.

Al_ARobai@