-A +A
عبده خال
ثمة حروب كبيرة وصغيرة، ولكل منها أدواتها وطرقها.

وفي زمن الحرب تسعى الأطراف لاجتذاب القوى المختلفة لكي تؤثر على مسارات الحرب.. وفي أرض الميدان تكون الأسلحة والخطط والجنود كفيلة بصد العدو.. إلا أن هناك حروباً تنشأ على هامش الحرب العسكرية، وهذه الحرب يتم فيها استقطاب قوى بشرية لأن تكون عيناً أو محرضة أو مخلخلة أو خالقة للفوضى، صور كثيرة يتم فيها تجييش أفراد من قماشة المجتمع، وأبشع ممارسة تحدث، حين يتم تجنيد الفرد ضد وطنه، وتكون البشاعة نابعة من ضمير الخائن لكونه يعرف تفاصيل خيانته وإصراره على ذلك الفعل، وهذه النوعية تسعى إلى الاختباء لكي لا يعرف أحد تحركات الفرد منهم، ويحيط نفسه بعدة وسائل متقدمة أمنية ليستتر خلفها، واكتشاف هذا الخائن يحتاج إلى جهود استخبارية ومراقبة مضنية، وإذا ظل مختبئاً فإن ضرره على البلد يتعاظم خطورته في زمن الحروب، ويصبح أي فعل يقوم بإيصاله للعدو ضرباً في العمق الوطني؛ ولذا أصبحت عقوبة التجسس على البلد الأم عقوبة مغلظة، وهو ما يطلق عليه (الخيانة العظمى)، وكلمة العظمى كون الفاعل تجاوز كل الخطوط الحمراء بدءاً من موت الضمير وانتهاءً بتسليم أسرار بلاده للأعداء..


والتجسس ضد بلدك يكاد الجميع يعرف أنه بؤرة للأنفس الوضيعة بكل النعوت السلبية.. إلا أن هناك خيانة وطنية لا يتنبه لها الفرد، وتحدث من غير قصد أو قصدية عرضية لا يتنبه فاعلها أن ما يقوله أو يفعله ضد بلده ما هو إلا خيانة..

ولو استرجعنا كثيراً من الأقوال والتحريضات ضد الوطن فسنجد الكثير منها لم يكن القصد طعن الوطن وإنما تقال في وضعية اجتماعية أو اقتصادية أو مشكلة يتعرض فيها الفرد إلى نوع من أنواع عدم الإنصاف، وهذا النوع نفهم دوافعه ويمكن إفهام الفاعل بخطورة فعله ويمكن أيضاً حل مشاكله من قبل الجهة المعنية..

هناك فئة ثالثة يتم الاحتفاء بهم إعلامياً وتشجيعهم على قذف بلادهم بكل أنواع التهم، وهؤلاء لا يقدرون عمق ما يتفوهون به من ضرر على وطنهم.. المشكلة أن تؤخذ تهمهم ضد بلدهم على أنها حقيقة تتم إشاعتها وتأكيدها من قبل الإعلام المعادي على طريقة (وشهد شاهد من أهلها)..

هؤلاء الذين يتم استغلالهم ضد وطنهم ومجتمعهم وأسرهم لا يتنبهون للآثار المدمرة التي يتسببون في إحداثها في الوقت الراهن ومع مرور الزمن سيكتشفون ما أحدثوه من دمار لأنفسهم في المقام الأول، فهل الحل انتظار مرور الزمن لكي يفهموا؟

يكون هذا الانتظار خاصاً بهم، أما الخاص بالوطن فالضرر يكون على مستوى الإعلامي ومن يمتلك الحصافة سيعرف أن تلك الأصوات ما هي إلا حرب إعلامية يُستغل فيها قليلو التجربة والفهم من قبل إعلام معادٍ.

Abdookhal2@yahoo.com