-A +A
خالد السليمان
أتخيل الآن شعور وزيرة خارجية كندا بعد أن هبت إلى المطار لتستقبل ما رأته مراهقة معنفة تقودها أحلامها الوردية إلى الهرب لتفتح لها كندا ذراعي حضنها الدافئ، لتكتشف في النهاية أنها لم تستقبل سوى ساقطة صغيرة تقودها شهواتها الماجنة وشبقها الجنسي !

في الحقيقة أكلت «كندا» مقلبا كبيرا، والسبب عجرفة سياسية أعمت بصيرة رئيس وزراء كندا ووزيرة خارجيته عن رؤية الحقيقة الكامنة وراء هرب فتاة مراهقة استطاعت أن تخدع دولة بأكملها، فالفتاة التي هربت من قيود حياتها الاجتماعية التي حدت من انحلالها الخلقي، قدمت نفسها على أنها ضحية لمجتمع يريد تقييد طموحاتها وأحلامها وأفكارها، ولكن ماذا كانت هذه الطموحات والأحلام والأفكار ؟! لم تكن سعيا وراء حرية تعليم أو عمل أو زواج، بل كانت سعيا وراء حرية انحلال وفساد وانحطاط !


الحكومات والمنظمات الحقوقية ووسائل الإعلام الغربية التي دعمت هرب هذه الفتاة ووفرت لها الملاذ وفتحت لها خلال أيام قليلة أبوابا يقف أمامها عادة المغتربون المتسلحون بالعلوم والمهارات المهنية سنوات طويلة، أرادت أن تختصر صورة مجتمعنا في قصة هذه الفتاة وإبرازها كنموذج للاضطهاد الذي تتعرض له المرأة في المجتمع السعودي، بينما تجاهلت كل النماذج الإيجابية لنساء وفتيات سعوديات يمارسن حياتهن بكل حرية ويحققن أحلامهن في التحصيل العلمي وممارسة مختلف المهن بكل كفاءة وجدارة، كما أن نماذج التعنيف والاضطهاد لا تخلو منها مجتمعات الغرب نفسه وتملأ قضاياها أدراج المؤسسات الأسرية والحقوقية وأروقة المحاكم ووسائل الإعلام في المجتمعات الغربية وتعبر عنها قصص الأفلام السينمائية والبرامج التلفزيونية !

في الحقيقة أيضا كندا ليست وحدها أكلت المقلب، فالفتاة ستكتشف عاجلا أو آجلا أنها أيضا أكلت مقلبا كبيرا، فأحضان المجتمع الغربي البارد سريعة وقصيرة ومصطنعة، وستجد نفسها يوما أمام واقع قاس لا يشاركها إياه سوى الندم !