-A +A
أنمار مطاوع
(الشاشة) هي أحد أهم الاختراعات في تاريخ البشرية.. والأكبر على الإطلاق في مجال الترفيه؛ خصوصا شاشة التلفزيون، التي يتصدر ترفيهها من حيث الأهمية: التمثيليات والمسلسلات التلفزيونية، فهي ذات طابع مزدوج: ترفيهية وفي ذات الوقت تحمل قيمة عالية في التأثير على تغيير المواقف والاتجاهات والمهارات الحياتية السلوكية العامة.. فهي تنعكس مباشرة على أعراف المجتمع وتقاليده وقناعاته. وقد أدرك التلفزيون هذا التأثير للمسلسلات منذ بداياته الأولى.. فعمل على إنتاج التمثيليات التلفزيونية خلال النصف الأول من القرن الماضي، لتأخذ طابعها الاحترافي مع بداية الثمانينات.. وهو المستمر حتى الآن -وإن اختلفت في مفهومها من حيث المواسم وعدد الحلقات- وأصبح لها شركات إنتاج عالمية. هذا الاهتمام منطلقه دور المسلسلات في التأثير المباشر على التوعية المجتمعية في كافة الجوانب؛ سواء أكانت إيجابية أم سلبية.. مقصودة أم غير مقصودة.

رغم إيجابيات الأهداف التي تقدمها المسلسلات التلفزيونية العربية -والإنتاج العربي بشكل عام- إلا أن معظم المسلسلات للأسف تعرض لقطات عنف ومشاهد تعنيف ضد المرأة العربية، وكأنها تحاول أن تقره كواقع. فهو يبدو في المسلسلات كملامس لحد القبول لدى فريق العمل الفني؛ بدءا من المؤلف وانتهاءً بالمخرج.. وهو بالتأكيد مقبول من القنوات التي تعرضه.. وربما أصبح مقبولا من المشاهد الذي يتابع مثل تلك المسلسلات.


لا شك أن الحوار حول تعنيف المرأة على مستوى العالم العربي غامض نسبيا.. القوانين تجرّمه.. وبعض التفسيرات الشرعية تجيزه. لكن هذا الغموض لا يجب أن يمنع إصدار قانون خاص بحجب مشاهد العنف ضد المرأة في المسلسلات التلفزيونية والأعمال الدرامية.

في الستينات الميلادية من القرن الماضي، تم حجب إعلانات التبغ ومشاهده في معظم وسائل الإعلام العالمية والعربية -وكانت المملكة من أوائل تلك الدول- من مبدأ (الحفاظ على الصحة العامة). وبناء عليه انخفضت نسبة المدخنين في دول مثل الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا.

مجلس وزراء الإعلام العرب يحتاج إلى تقديم توصيات واضحة تُلزم كافة القنوات العربية بعدم نشر أي مشهد عنف ضد المرأة في المسلسلات التلفزيونية. فمشاهد العنف ضد المرأة بهذا الشكل المؤذي للنفس الإنسانية والقيم الاجتماعية يجب أن يُحجب بكافة أشكاله في الأعمال الدرامية التي تقدم على الشاشات العربية.

* كاتب سعودي

anmar20@yahoo.com