-A +A
بشرى فيصل السباعي
عنوان المقال هو بحق كابوس كل إنسان في عصر اليقين العلمي الذي منح السلطات المعنية القدرة على الجزم بهوية الإنسان من خلال تحليل بصمته الجينية التي يمكن على أساسها تبرئة أو إدانة شخص بأخطر الجرائم مع ما يترتب عليها من عقوبات قصوى أو إطلاق مغتصب وسفاح ليتابع جرائمه وإدانة بريء بأدلة ظرفية بدلا عنه، ويمكن عبرها إثبات أو نفي أبوة أو أمومة الوالدين بما أيضا يترتب على ذلك من عواقب قصوى قد لا تقل في بعض المجتمعات عن القتل بما تسمى «جرائم الشرف»، لكن كما يقال نصف العلم أخطر من الجهل لأنه يمنح الإنسان يقينا مطلقا بصواب حكمه الذي قد لا يكون صحيحا بسبب نقص الإحاطة، بينما الجهل يبقي صاحبه منفتحا لكل الاحتمالات، وهذا صحيح حتى بمجال التحليل الجيني، فهناك حالة كانت نادرة ورصدها مستجد لدرجة أن غالب العاملين بمجال الطب الشرعي والطب عموما لا يعرفون عنها ولم تُكتشف إلا صدفة من خلال حوادث لأفراد بالغرب رفضوا القبول بنتائج التحليل الجيني الرسمي ولجأوا للعلماء لإعادة التحليل الجيني بشكل موسع يأخذ عينات من عدة أجزاء من الجسد بعكس التحليل الجيني التقليدي الذي يحلل عينة من جزء واحد من الجسد، والفارق يكمن بحالة جينية طبية كانت نادرة لكنها زادت مع تزايد من يولدون عبر معالجات العقم التي كثيرا ما تؤدي للحمل بتوائم وتسمى هذه الحالة «الخيمرية-Chimerism»، فأحيانا يقوم أحد التوائم بامتصاص توأمه فتندمج مادته الجينية معه ويكون هناك مولود واحد أو مولودان وقد امتص أحدهما جسد توأم ثالث وينتج عن ذلك أن أجزاء من جسد الشخص تكون لها بصمة جينية غير تلك التي لأجزاء أخرى وهذا أحيانا -وليس دائما- ينتج اختلافات شكلية ملحوظة بحالة التوائم غير المتطابقين فيكون للمولود أحد التالي؛ لون عينين مختلف، لونان مختلفان للجلد، اختلاف أحجام الأعضاء وفصي الدماغ، خنثى «بأعضاء جنسية مذكرة ومؤنثة» وقد لا تعرف الأم أنها كانت حاملا بتوأم لأن امتصاص الجنين الآخر يحدث بمراحل الحمل المبكرة قبل أن تكتشف الأم أنها حامل، وقد تحدث «الخيمرية» لاحقا في حياة الشخص بسبب خضوعه لمعالجة بنخاع العظم من متبرع، وأيضا قد تحدث «خيمرية مصغرة» Microchimerism- نتيجة تسرب خلايا من الجنين الى الأم والعكس وتتسرب لاحقا إلى الإخوة الجدد عبر الأم، وأيضا زراعة الأعضاء، وقد تنتج عن «الخيمرية» أمراض المناعة الذاتية، وهناك «خيمرية» مؤقتة كما في أعقاب نقل الدم.

* كاتبة سعودية


bushra.sbe@gmail.com