-A +A
محمد آل سلطان
مع الاتفاق النووي المعيب (5+1) مع إيران الذي رعاه أوباما ومعه أوروبا العجوز، تصور الجميع أن المعركة الإقليمية قد حسمت لمصلحة إيران وقتها طبل المطبلون أن رؤية النظام الإيراني قد انتصرت وأن هناك تفويضاً دولياً لإيران بعمل ما تشاء في المنطقة.. السعوديون كانوا يرقبون الاتفاق ونتائجه ويتوجسون من الأضرار الناتجة عنه ومن التوحش الإيراني وأذنابه في المنطقة العربية لم تقنعهم جولات كيري ورئيسه أوباما بعدالة الاتفاق النووي، وقتها هلل أعداء السعودية أن إيران قد كسبت معركة المفاوضات الدولية مع أمريكا التي بدت مع أوباما صديقاً حميماً لكل أعداء السعودية بل وصل الحد لمن يشنعون على السعودية علاقاتها وتحالفها مع أمريكا أحرص الناس على إظهار أنفسهم كحلفاء لأمريكا نفسها..

حزم السعوديون أمرهم على الوقوف ضد المشروع الإيراني حتى لو حظي برعاية دولية أمريكية وكانت خطتهم مرتكزة على محورين؛ الأول مقاومة هذا المشروع الاستئصالي وكما استنقذوا البحرين ومصر أطلقوا عاصفة الحزم والعزم في اليمن وبدأوا بسياسة تحييد التأثير الإيراني في العراق وسوريا مراهنين على أن نتائج المشروع الإيراني لا تأتي إلا بالخراب والفساد والطائفية العمياء فيما تمثل السعودية مشروع التنمية والازدهار والسلام في المنطقة، ومن جهة أخرى إعطاء رسائل واضحة للعالم أجمع أن السعودية ستمتلك السلاح النووي متى ما مكنت إيران من امتلاكه وأن هذا يشكل لها مسألة وجودية لا خيار ولا مساومة فيها، طبعاً هذه التصاريح خلقت جواً دولياً أن العالم لا يحتمل وجود سباق نووي في منطقة خطيرة وملتهبة أصلاً.


فيما كان المحور الثاني: هو نقل المعركة إلى داخل إيران وهو ما عبر عنه التصريح الشهير للأمير الهمام محمد بن سلمان.. وقد نجحت السعودية في إعادة تموضعها وكشف سوءة الاتفاق النووي والاستغلال السيئ للاتفاقية من قبل النظام الإيراني، فكان أن مزقت الاتفاقية النووية ووضعت شروطا قاسية على النظام الإيراني - كأنها كتبت في الرياض - وحصارا قويا يهدد نظامها بالسقوط من الداخل ويصل باقتصادها المتهاوي أصلاً إلى الحضيض.

النظام الإيراني الآن تحت الضغط الآن ويعيش أسوأ أيامه وهو الذي كان يتبجح بقوته قبل سنوات بأنه المسيطر على 4 عواصم عربية وبدأ يهدد ويزبد ويرعد بأنه سيقفل خطوط الملاحة الدولية والجميع بمن فيهم النظام الإيراني نفسه يعرفون أنهم يكذبون ولا يستطيعون فعل ذلك لو أرادوا!! يحاول النظام البائس الآن أن يستعجل معركة يعتذر بها لشعبه من الظروف السيئة التي وضعوا فيها خصوصاً أن المظاهرات الشعبية من الإيرانيين عمت كل مدن ومناطق إيران حتى طهران نفسها.

وهو الآن بين المطرقة والسندان، مطرقة الحصار القاتل وتشديد العقوبات أو سندان الحرب التي لا قبل له بها وإن علا صوت جعجعته!!

وفي كلتا الحالتين استطاع السعوديون أن يقلبوا الطاولة على النظام الإيراني نفسه واستطاعوا أن يعيدوا تأهيل الموقف الأمريكي والدولي من الاتفاقية النووية مع إيران وينقلوا المعركة إلى داخل النظام الإيراني نفسه تحت حصار شديد وفي ظل شروط صعبة تبدو وكأنها صيغت في العاصمة الرياض وليس أمام النظام الإيراني إلا أن يختار أن يكون دولة سوية في المنطقة ويبدأ في التفاوض حول كل الإشكاليات التي سببها - وهذا ما أتوقعه - أو يعيش تحت ضغط دولي يجعله يتهاوى عاجلاً أم آجلاً فيما ستستفيد السعودية وغيرها من دول الخليج من أسعار النفط المتوازنة أو المرتفعة في حال أي طارئ لتستمر في مشروعها التنموي والنهضوي دون أن تنسى للحظة أن تكون متأهبة لأي تهور أو مفاوضات ينبغي أن تمثل مصالحنا فيها مباشرة وبلا وسيط.