-A +A
محمد بن سليمان الأحيدب
هي وسائل للتواصل الاجتماعي وتيسر سبل التواصل بين الناس دون تكلفة، ويفترض أن تكون دون كلفة واستعلاء وغطرسة و أن لا تستغل في إشعارك للآخر أنك أعلى منه شأنا أو جاها أو وظيفة أو حتى أثمن وقتا، فسوف يأتي عليك يوم تصبح فيه أقل شأنا وأضعف دعما وأدنى وظيفة وأكثر فراغا، والكيّس الفطن الخلوق المتخلق بأخلاق الإسلام من احترم الناس وهو في أعلى شأن ليحترموه في كل الأحوال والأحيان.

تخيل عزيزي المتغطرس لو أنك قلت لأحدهم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، فرد عليك بغمزة أو برفع إصبعه مستكثرا أن يضيع وقته وجهده بقول بضع كلمات (وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته)، بل تخيل لو أنك في وقت مضى قبل تقنيات التواصل الاجتماعي وفي زمن الطيبين جدا بعثت رسالة ورقية طويلة لمسافر تتمنى له التوفيق والسعادة والعودة سالما غانما، ورد عليك بورقة رسم عليها زهرة فقط!


هذه حال البعض اليوم في تعاطيهم مع الناس عبر وسائل التواصل الاجتماعي، فتجده يتلقى رسالة حميمية موجهة له شخصيا فيها تهنئة أو تشجيع أو شكر أو ثناء ودعاء فيرد بزهرة أو بكفين مغلولين لبعضهما لم يبسطهما كل البسط أو برسمة قلب!، وهذا أظنه من الكبر والغطرسة وإشعار الطرف الآخر بأنه أقل من أن يستحق كتابة جملة مجانية تعبر عن مبادلته تلك المشاعر.

أرجو أن لا يقول قائل إنه عصر السرعة أو الاختصار أو الرموز، فكتابة جملة أو جملتين فيهما تعبير عظيم لا يكلف وقتا بل قد يكون البحث في الجوال عن رسمة كفين ملتصقين أو زهرة يستغرق وقتا أكثر واحتراما أقل، ثم أن ذات الشخص لو راسل من يعلوه مرتبة وظيفية أو منصبا لن يستخدم تلك الرموز (إلا لو اخترعوا رسما لتقبيل كتف أو يد) فكفى مغالطة، بل هي غطرسة وتكبر واستعلاء لا يجوز ولا يليق، فوسائل التواصل للتقارب لا للتباعد و للتقريب لا للتفريق و للمساواة لا للتمييز، وفي رأيي الشخصي أنه خير لك أن لا ترد من أن ترد برسمة زهرة لا رائحة لها أو كفين يصفعان المرسل أو قلب لا ينبض إلا بكبرياء تشعره أنك أعلى من أن تكتب جملة.

www.alehaidib.com