-A +A
حمود أبو طالب
نكتب ونتحدث لنرصد ملاحظاتنا على الأداء في كثير من شؤون وطننا، ننتقد الخطأ والتقصير والتسيب والإهمال والفساد الذي لا يمكن تنزيه أي مجتمع منه مهما كانت صرامة قوانينه ومهما كان وعيه متقدما، نفعل ذلك لأن الدولة أصبحت (تلعب على المكشوف) مع كل الذين يعيقون مسيرة الوطن بممارساتهم السلبية أياً كان نوعها، لم يعد هناك كبير فوق المحاسبة، ولم تعد هناك تصنيفات تجعل من أناس فوق القوانين، نفعل ذلك من منطلق وطني نزيه ولا نأبه بالذين بدؤوا يخلطون الأوراق بصورة ممعنة في السطحية والسذاجة، والخبث ربما، عندما ينبرون للقول بأن المتربصين بالوطن من الخارج يتصيدون مثل هذا النقد لترويجه بأن وطننا يمر بأزمة داخلية نتيجة مشاكل يعاني منها وبالتالي لا يصح الحديث عن السلبيات حتى لا نمنحهم فرصة الشماتة والتشفي.

مثل هذا الطرح ضار جداً وينم عن رؤية قاصرة وفهم خاطئ لمعنى المواطنة ومسؤوليتها وواجباتها عندما يتعرض للنقد البناء غير المشوب بالمبالغات والمستند إلى معلومات صحيحة والمنزه من التوظيف المشبوه والنيات الملوثة، وغيابه يتيح مجالا لتراكم الأخطاء والسلبيات، وتكريس فكرة تجنبه وعدم ممارسته تنصل من واجب وطني أساسي. الذين لا يريدون الخير لوطنك من الخارج أو الداخل يهمهم أن تتغافل عن تصحيح الأخطاء لتتراكم وتتفاقم حتى تصل إلى مرحلة يصعب التعامل معها ثم يبدأ تأثيرها على المسيرة الوطنية بشكل أكبر، وهؤلاء لن يقولوا خيراً عن وطنك في كل الأحوال لأن هدفهم لن يتغير ونياتهم لن تتبدل.


الدولة في مشروعها الوطني الجديد الضخم تمارس المراجعات والتقييم والنقد لأدائها بشكل علني شفاف، وهذا ما تؤكده القيادة باستمرار، وقد أشار إلى ذلك ولي العهد في حواره الأخير مع صحيفة الشرق الأوسط، فإذا كان الحال كذلك فإنه يعني دعوة لكل مواطن حريص على وطنه أن يشترك برأيه الحر الصادق في عملية المراجعة والتقييم والنقد توخياً لتحقيق المصلحة العامة والوصول إلى الأداء الأفضل.

إن وطناً لا يُمارس فيه النقد الإيجابي الحر يصبح عرضة للعثرات المستمرة والإخفاق، والذين يشككون من الداخل في ممارسة هذا النوع من النقد لا يقل ضررهم عن الأعداء من الخارج.