-A +A
حمود أبو طالب
نشرت صحيفة «عكاظ» يوم الإثنين الماضي ١٧ يونيو تقريراً تضمن إحصائيات عن أعداد الطلاق في مناطق المملكة طبقاً لمعلومات المحاكم الشرعية خلال شهر شعبان الماضي، وكان المثير في التقرير أن عدد حالات الطلاق في بعض المناطق أكثر من حالات الزواج في تلك الفترة، ولعدم توفر معلومات للمقارنة في التقرير لا ندري هل عدد حالات الطلاق في الشهور الأخرى من نفس العام أكثر أو أقل، وكذلك بالنسبة للأعوام السابقة كي نعرف ما إذا كان المؤشر الإحصائي في صعود أو هبوط أو متذبذب أو غير ذلك، وعلى أي حال ورغم أهمية الموضوع اجتماعيا فإن غرض الحديث ليس إحصائيات الزواج والطلاق، وإنما إهمالنا لمجال في غاية الأهمية هو الدراسات الاجتماعية.

هذه الدراسات ضرورة قصوى لكل المجتمعات في كل الأوقات، ولاسيما في ظل التغيرات المتسارعة التي مرت وتمر بها خلال العقود القليلة الماضية التي تغيرت فيها أنماط الحياة المتعلقة بالعمل والعلاقات والإنتاج والمكونات الأسرية وكثير من القيم التقليدية المتوارثة، وبما أن مجتمعنا من أكثر المجتمعات التي شهدت هذه التحولات الحادة فإنه من أحوجها إلى الدراسات الاجتماعية العلمية المنهجية التي تُبنى عليها الخطط والإستراتيجيات في كل المجالات، ولا تستطيع دولة التخطيط السليم لإدارة المجتمع بنجاح دون توفر هذه الدراسات بشكل مستمر لأنها أساس كل القرارات الصحيحة التي تحقق نتائج إيجابية، وهذا ما فعلته وما زالت تفعله الدول التي حققت ازدهارا تنمويا وتوازنا اجتماعيا.


ورغم ذلك، وللأسف الشديد، ما زالت هذه الدراسات غائبة لدينا، وإن وجدت فهي قاصرة، والقليل منها إن وجد لا يستفاد منه في إيجاد تصورات تقود إلى تحرك باتجاه حل المشاكل القائمة، واستباق المشاكل المستقبلية. أقسام علم الاجتماع في جامعاتنا تخرجت منها وما زالت تتخرج أعداد كبيرة من الجنسين لكنهم شبه عاطلين في إدارات لا يمارسون فيها تخصصهم كما يجب، وحتى الذين تخصصوا في جامعات أجنبية في فروع علم الاجتماع الكثيرة عادوا كي ينخرطوا في وظائف روتينية بمرافق لا علاقة لتخصصهم بها، وهذا خطأ إستراتيجي كبير، لكننا قد نعرف أساس المشكلة عندما نعرف أننا إلى الآن نضم الشؤون الاجتماعية كجزء ملحق بوزارة أخرى وليس وزارة مستقلة تحظى بما تستحقه من أهمية.

في هذا الوقت بالذات نحن في أشد الحاجة إلى دراسات اجتماعية متخصصة في كل جوانب حياتنا تنبثق من جهاز مستقل تديره عقول تعرف أهمية هذه الدراسات وتنفذها وفق المعايير البحثية العلمية الصحيحة، على أن يستفاد منها في اتخاذ القرارات ولا توضع في الأرشيف كجهد مهدر.