-A +A
علي بن محمد الرباعي
انقسمت القرية على نفسها، فالخُطّاب من ثلاث لحام. فانحازت اللحام الثلاث بعيدها، فيما عيّدت لحمة العريفة وأبو فضيلة في بيت العريفة، وأجمع رموزها على قطعهما قطعة الدلو في البير. انفعل ولد العريفة عندما سمع ما عزموا عليه، وطلب من أبيه يطاوعه «إن طعتني يا به نطلّق بناتهم، وورعانهم يطلقون بناتنا» ردّ عليه بغضب: «حط برطم على برطم، وأبجم على شحم. المطاليق يأخذونهن من قوز القمايم ويحطونهن فوق العمايم».

عاتب العريفة مسعود، وقال «كلّها منك، تتهبش في الخطبان كما الشاة السرفة اللي ما تدري وين البركة». فأجابه: «ما هوب انته يا عريفة تقول (إذا كنت جمّال واعد عشرة)» ردّ عليه: «هذا في نقل الحمول، ما هو في الارتباط للحمايل يا الدبشة» سكت ورأى ملامح أم فضيلة فقال: «تحسبني باتخلّى عنك وأنت من عظم الرقبة»، فعلّقت أم فضيلة «أنا دفعك يا عريفة».


هدأت القرية ونام أهلها مبكرين في ليلة يتيمة، فيما أرسل العريفة ابنه (سعدي) يدعي (ساعد) وعندما فتح الباب ورآه صكّ في وجهه وقال «ترى أبوك بياهب فلّة بيني وبين لحمتي، قلّه مانيب جاي». فقال الابن: «يقول تلثم وتعال القرية نايمة ما أحد يشوفك والسدّ يعنى الله».

مدحه وقال: «مثلك يطفي الفتن، وأكد عليه ما يجي ضحى بكرة إلا وكبار اللحام الثلاث عنده». وقال «هذي مهارتك يا ساعد، تعرف كيف تقنع الرجاجيل» وما حميت الشمس إلا وشيخ كل لحمة حاضر بمشلحه، سلّموا على العريفة من قفى قلوبهم. وقعدوا.

دخل مسعود وسلّم فلم يرد أحد عليه السلام فأنشد العريفة «مسعود وان وهمّت في رجال، الشور في رأس المعزّبة» فارتخى الشد قليلاً، وقال «أنتم ودّكم بالمجمّلة وإلا بمحوقة اللحى؟»، فتلافتوا في بعض وقالوا: «بصوت واحد، لا والله ما مثل المجملة». فعلّق «رضاكم عندي، وخِلّال السنون ما يملأ البطون».

صبيحة خامس العيد سافر ثلاثة شبان وأقسموا ما يردّهم إلا أرامكو. واستقبلت القرية ابن خالة فضيلة بعروسه الشرقاوية. فيما تحدثت بنات القرية عن آخر مرّة شاهدن فضيلة فيها سادس العيد، وأرجولها مدلدلة في ماء الغدير تلاعب الطحلب بأصابع قدميها المحنّاة. علمي وسلامتكم.