-A +A
عبدالله صادق دحلان
مكة المكرمة قبلة مليار ونصف مليار مسلم في جميع أنحاء العالم، وملتقى قادة العالم الإسلامي والعربي والخليجي في ليلة السابع والعشرين من شهر رمضان المبارك، ليلة مباركة لتجمع القادة في رحاب بيت الله الحرام، واضعين ثقتهم الكاملة في قيادة المملكة العربية السعودية وعلى رأسها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وولي عهده الأمير محمد بن سلمان، في تنسيق الجهود الإسلامية والعربية والخليجية لمواجهة كل من يحاول التطاول على قبلة العالم الإسلامي والتدخل في شؤون الدول الإسلامية والعربية والخليجية، ومحاولة إحداث خلخلة في الاقتصاد العالمي عن طريق تهديد أمن وسلامة التجارة العالمية، وعلى وجه الخصوص نقل أكثر من ربع إنتاج العالم من النفط من خلال الخليج العربي والذي يعتبر شريان الاقتصاد العالمي، ومحاولة الوصول إلى منابع النفط وخطوط نقلها من الشرق للغرب في المملكة العربية السعودية، وتهديد أمن المسلمين في مقدساتهم الإسلامية. إن الجهود التي تبذلها المملكة العربية السعودية في التنسيق مع قادة الدول الإسلامية والعربية والخليجية لوضع حد لهذه التجاوزات من قبل إيران الدولة الاسلامية التي وللأسف تقف وراء التوترات السياسية والاقتصادية في المنطقة بدعم المنظمات الانفصالية والإرهابية أمثال الحوثي في اليمن، لقد أشعلت إيران حرارة الموقف الدولي وتسببت في دق طبول الحرب عليها، وتوجهت أكبر البوارج الحربية في العالم إلى الخليج العربي ووضعت جميع القيادات المعنية بالحروب تحت أهبة الاستعداد لحالة الحرب إذا ما تراجعت إيران عن مواقفها العدائية لدول الجوار.

إن اجتماع قادة العالم الإسلامي في مكة المكرمة يمثل وحدة المسلمين تجاه كل من يعتدي على أي دولة إسلامية، وإن الاعتداء على أمن وسلامة واقتصاد أي دولة من دول العالم الإسلامي يعتبر اعتداءً على وحدة العالم الإسلامي، وإن حكمة الملك سلمان في التشاور مع القادة الخليجيين والعرب والمسلمين تؤكد رغبة المملكة العربية السعودية في عدم اتخاذ قرار أوحد بعيد عن المنظومة الإسلامية العربية والخليجية، وإن إعطاء فرصة للتدخل السلمي لتراجع إيران عن مواقفها العدائية يؤكد عدم الرغبة في الحروب وتدمير الدول والشعوب إلا إذا أُجبرت على ذلك، إذا وصل الأمر إلى تهديد أمن وسلامة المملكة واقتصادها وعلى وجه الخصوص أمن وسلامة قبلة المسلمين مكة المكرمة، وهو خط أحمر ليس على القادة المسلمين والعرب والخليجيين فقط وإنما على الشعوب الإسلامية والتي لو أتيحت لها الفرصة للتعبير عن سخطها على من يتعدى على المقدسات الإسلامية فإنها ستوجه ملياراً ونصف مليار مسلم في العالم للزحف مشياً وجواً وبحراً للدفاع عن المقدسات الإسلامية، ولولا حكمة الملك سلمان في جمع القادة المسلمين وإطلاعهم على الموقف الصعب الذي تمر به المقدسات الإسلامية والاقتصاد الخليجي وأمن وسلامة الشعوب لكان القرار دولياً، وإن مبدأ التشاور هو مبدأ القيادة السعودية دائماً قبل اتخاذ أي قرارات إستراتيجية لدول العالم الإسلامي والعربي، وإن إشراك قيادات العالم الإسلامي في الأزمة الطارئة في الخليج العربي سوف يعطي القرار قوة وقناعة أياً كان القرار ولكنه بإجماع إسلامي وعربي وخليجي، وهذا ما يميز قرارات المملكة الخارجية في القضايا الإستراتيجية وما يجعل التكتل العربي والخليجي والإسلامي ذا قوة في القرار السياسي العالمي، وهو توجه صحيح لقوة مؤثرة في العالم.


إن تجمع القادة يوم الجمعة الماضي وفي قبلة المسلمين مكة المكرمة سوف يكون له أثر عالمي كبير وسوف يدعم الشعوب الإسلامية في جميع أنحاء العالم، وأشعر بكل فخر واعتزاز بمكانة المملكة العربية السعودية وقيادتها في قدرتها على تجميع قيادات الدول الإسلامية للتشاور في أمور لها مساس بوحدة العالم الإسلامي.

وأجزم أن هذا التكتل الإسلامي والعربي والخليجي سوف يكون له أثر إيجابي في معالجة الأزمة والتي لا شك أن أي حرب تحدث في هذه المنطقة ستكون كارثة ليس على دول المنطقة فقط وإنما على الاقتصاد العالمي أجمع.

إن إجماع القادة الخليجيين والعرب والمسلمين على أن قضية المسلمين الأولى هي قضية فلسطين والقدس عاصمتها الرئيسية، يدل دلالة واضحة على أن القضية الفلسطينية لا زالت هي محور اهتمام جميع القادة في العالم الإسلامي ولن تكون الأخيرة وسنظل ندافع عن حقوق الشعب الفلسطيني لبناء دولة مستقلة عاصمتها القدس.

انتهت القمم الثلاث والجميع متفق على احترام سيادة الدول الإسلامية وعدم السماح لأي دولة بالتدخل في شؤون الدول الأخرى، وأن أي تعدٍّ على سيادة المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات هو تعدٍّ على العالم الإسلامي أجمع.

ولهذا أتمنى أن يحكِّم قادة إيران العقل والمنطق وأن يجنحوا للسلم ليتجنب العالم الإسلامي كارثة تدمر الشعوب واقتصاد المنطقة.

* كاتب اقتصادي سعودي