-A +A
محمد بن سليمان الأحيدب
في زمننا وتحديدا في أواخر الثمانينات الميلادية، كان قلة من المبتعثين لنيل شهادة الماجستير أو الدكتوراه في أمريكا أو بريطانيا إذا فشل أحدهم في الدراسة بسبب لهوه ولعبه وإهماله وعاد خالي الوفاض (صفري) يشيع لدى من حوله أن البروفيسور المشرف على رسالته كان عنصريا لا يحب العرب وتسبب في فشله!.

مسكين ذلك (الشيخ) البروفيسور، غالبا ما يكون مسنا دعم وخرّج المئات من الدارسين العرب ولا ذنب له، إلا أن يكون شماعة لفشل طالب أهمل وقصر وتقاعس ففشل، بينما اجتهد ابن جيرانه وعمل وسهر الليالي فنجح، وحصل على الماجستير ثم الدكتوراه، مع أن المشرف على الرسالة هو ذات الشيخ المسن الذي لا يهمه من الطالب، بل ربما كان ميالا للعرب أكثر.


لكن، والحق يقال، كان آباء وأمهات جيلنا أطيب قلبا وأنقى سريرة، فكانوا يهنئون أسرة المبتعث العائد بالشهادة العليا ويحضرون احتفال أهله (كنا نسميها عزيمة تخرج)، ويذكرون الله كثيرا و(يباركون) لوالد ووالدة الشاب الناجح، ويدعون له بمزيد من التوفيق وهم يرددون «ما شاء الله لا قوة إلا بالله ولدكم نجح وحنا ولدنا (استقعد) له المشرف وسقطه لأنه عربي!»، وهم لا يعلمون أن المشرف واحد!، ومحايد، وأن ابنهم استغل طيبتهم وربما جهلهم وعلق فشله على الغير!.

لكن، والحق يقال، كانوا يباركون، ولا (يزعلون) من نجاح غيرهم، ولا يحسدون، فما بال جيل اليوم افتقدوا لتلك الطيبة؟! وأصبحوا (زعولين) إلى درجة أنهم لا يباركون؟!، هذه ثقافة يجب أن نسعى جاهدين لتغييرها، فحمدا لله أن الرازق في السماء والحاسد في الأرض، ولكن علينا توعية الفاشلين وتهدئة (الزعولين) في الأرض.

* كاتب سعودي

www.alehaidib.com