-A +A
أحمد عجب
مع أنني لا أحب شركة المياه الوطنية، بفعل الشكاوى العديدة التي أسمعها من الجيران والأصدقاء حول الزيادة الفاحشة لفواتيرها، إلا أنني بالمقابل منبهر جداً بالنتيجة المذهلة التي حققتها بفضل تعاملها الصارم، حتى اختفت من حياتنا كافة مظاهر الإسراف بالمياه، فلم نعد نرَ مالك العقار يسقي الزرع بسور الحوش وينسى لي المياه لساعات طويلة، ولم نعد نتأذى من حارس العمارة الذي كان ينظف السيارة بماسورة الرش ثم يلتهي بمكالمة عبر جواله حتى يصل الماء لآخر الشارع، وحتى الأبناء داخل البيت أصبحوا أكثر حرصاً وتحضراً حيث يقفل الواحد منهم بزبوز المغسلة وهو يفرش أسنانه ولا يفتحه إلا بقدر حاجته للغسول والمضمضة. لماذا يا وزارة العمل، لا تستفيدين من تجربة شركة المياه الوطنية، وتنعشي خزائنك بالغرامات المالية التي ستفرضينها على كبرى الشركات الأهلية التي تركت بزابيز الموظفين السعوديين مفتوحة حتى شكلت أمام واجهة مستقبل بلادنا بركة من البطالة؟! ويا مجلس الشورى، لماذا لا تبت في اقتراحات تعديل نظام العمل الذي أصبح من كثرة المواد التي تجيز فصل العاملين أشبه ما يكون بمجموعة (البزابيز) التي توضع للمعازيم الأجانب ويتركونها مهدرة، هل يعقل أن يتضمن النظام 7 مواد جوهرية يحوي كل منها عدداً من الحالات الداعية لإنهاء الخدمة، بداية بالمواد 54 و 55 و 57 ومروراً بالمواد سيئة السمعة 74 و 75 و 77 وانتهاء بالمادة 80 المرعبة، فيما لا يوجد بالمقابل أي مادة تسمح للعامل المفصول ظلماً المطالبة بالعودة للعمل الذي طرد منه، أليسوا شبابنا المؤهلون ثروة وطنية يجب الحفاظ عليها في هذه البقعة الصحراوية حماية من العطش والجفاف الوظيفي؟! المسؤولون بالمقابل لم يعودوا بحاجة لمفتشين ميدانيين أو حتى قارئي عدادات ليطلعوهم على حجم الإمكانات المهدرة لشبابنا، فكل أخبار الفصل الجماعي موجودة بالهاشتاق الترند المتبوع (بمنشن) المتحدث الرسمي للجهة المسؤولة، فما الذي يمنع التحرك الفوري مع تلك الحالات الإنسانية، خاصة أن خرطوش (رب الأسرة) حين يُضرب تتضرر معه شبكة المياه التي كان يوزع منها على الزوجة والأولاد وربما أحد الوالدين وأخته المطلقة وعيالها، مما يخلف مساحة من الوحل الإجتماعي تجلب البعوض والأمراض المعدية! كفاية أيها المسؤولون، صكوا بزبوز البطالة، وأعيدوا ضخ الشباب العاطلين على المؤسسات العامة والشركات الأهلية لينهضوا ببلادنا، اتركوا كل شيء بإيديكم والتفتوا لهذه القضية الحساسة والهامة للغاية، فليس من المنطق أن يأتي الوافد من آخر الدنيا ويجد وظيفة، ويأتي اللاجئ هرباً من بلاده المعدمة ويعيش بهناء قبل أن ينال الجنسية ويشوف نفسه علينا، فيما لا يجد بالمقابل بعض أبناء البلد وظائف توفر لهم سبل الحياة الكريمة، صكوا بزبوز البطالة، حماية للسواعد الجوفية العذبة التي تنبع حباً وولاءاً من باطن أرض بلادنا، بدلاً من تلك العمالة المعبأة والمستوردة من الخارج والتي غالباً ما تحتوي على نوايا ضارة وأحقاد مسرطنة!