-A +A
حسين شبكشي
تعرض شاشة التلفزيون خلال شهر رمضان الفضيل الجزء الثاني من المسلسل الجماهيري «العاصوف»، الذي سيتطرق إلى إحدى أهم الحوادث المفصلية في التاريخ السعودي، وهي حادثة احتلال الحرم المكي الشريف من قبل المجرم الإرهابي التكفيري جهيمان وعصابته، والتي روعت وقتلت العشرات من المصلين المسالمين الأبرياء ورجال الأمن البواسل، وأوقفت الصلاة في أهم مساجد المسلمين في بيت الله الحرام لأيام طويلة. نال المجرم الإرهابي التكفيري جهيمان وعصابته جزاؤهم المستحق، وانتصر فكرهم لسنوات طويلة. والسؤال الذي يفرض نفسه كم جهيمان خفي لا يزال بيننا؟ كم جهيمان مستنسخ لا يزال متأثرا بفكره الصحوي (كثير من مشايخ الصحوة وقتها أفتوا له قبل جريمة احتلال الحرم وكانوا يوافقون على أفكاره) هل تم الخلاص من فكر جهيمان «تماما»؟ هذا هو التحدي الاستثنائي. لقد وجد جهيمان ضالته لفكره الدموي في آراء وفتاوى من كتب التراث الفكري وجعلها قاعدة مرجعية لجرائمه. «الجهيمانية» هي أسلوب التفكير الإقصائي بمختلف أشكاله. مع كل خطوة تصحيحية من خطوات رؤية 2030 التي تنادي بالتسامح والتعايش والوسطية تخرج علينا الأصوات الجهيمانية بآراء لا علاقة لها بالسنة القولية ولا الفعلية لسيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولكنها مبنية على مرجعية «أفراد» منحوا مع الوقت قدسية لا تقبل التشكيك ولا المناقشة. في الكثير من المواقف والمناقشات يبدو أن «الجهيمانية» لا تزال بيننا وبخير، نفس المنطق ونفس الطرح ونفس الحجج، ويبقى الأمل والرهان على الوقت أن الجيل القادم قادر على لفظ «الجهيمانية» إلى مزبلة التاريخ موقعها المستحق، لأن المستقبل لا يتحمل صناعته بسرطانات وفيروسات فتاكة من هذا النوع.

* كاتب سعودي