-A +A
حمود أبو طالب
أينما يكون المواطن السعودي خارج بلده، خصوصا في الدول الغربية، يكون السؤال الأول له ما الذي يحدث في بلدكم، هل هو حقيقي كل ما نسمعه، هل فعلاً تغيرتم إلى هذا الحد وبهذه السرعة، أخبرونا ماذا تفعلون وإلى ماذا تطمحون، ما الذي تريدونه بالضبط. أسئلة من هذا النوع كلما جمعك مكان بشخص يتابع الأخبار خارج بلده ويهتم بالأحداث الرئيسية في وسائل الإعلام التي تحتوي خليطاً من الإيجابي والسلبي عن المملكة، والمشكلة أننا لا نخدم الإيجابي كما يجب وكما يستحق، ولا نفند السلبي كما يجب أيضاً، على مستوى النخب ومراكز قيادة الرأي العام، والمؤسسات الأكاديمية ومراكز الدراسات والأبحاث، والقاعدة الجماهيرية العريضة في الخارج.

في أحد المطارات الأمريكية انتظاراً لموعد الطائرة تجاذبت الحديث مع أستاذ جامعي بادرني بسؤال من أي بلد أنا، انفتحت شهيته للحديث عندما قلت من السعودية، كأنه وجد ضالته خصوصا عندما عرف أني كاتب صحفي، انهمرت أسئلته التي تؤكد أنه متابع للشأن السعودي عن كثب. الرؤية الوطنية 2030، حقوق الإنسان، تنويع الاقتصاد، الفضاءات الجديدة للمرأة، ما يفعله ولي العهد، التعليم، العلاقة السعودية الأمريكية، الإرهاب، التشدد، المؤسسة الدينية، إيران، حرب اليمن، وغير ذلك. وبكل تأكيد لم يكن الوقت كافياً لتغطية كل تلك الملفات بتوسع، ولكن حاولت في إجاباتي له اتباع إستراتيجية كتابة المقال الصحفي اليومي، التركيز الشديد على إيصال الفكرة بأقل العبارات. لا أقول نجحت لكني أقول استطعت توضيح المحاور الشائكة على عجالة مع وعد التواصل لتوضيح ما تبقى قدر الإمكان، وتوفير مصادر معلومات موثوقة.


هذه الحكاية وهذا النموذج الأجنبي يحيلنا إلى حقيقة أننا لا نملك صوتا لنا في الخارج يستطيع التأثير على الرأي العام. مواجهات مواقع التواصل لا تزيد على كونها إدارة أزمات أو مواجهات آنية لا تستطيع تحقيق هدف إستراتيجي عميق بعيد المدى، وتسويق نمط الخطاب الداخلي خارجياً محاولة عقيمة لا تفيد، ومقولة إننا ندع الحقائق تتحدث عن نفسها خاطئة لأن الحقائق تحتاج من يتحدث باسمها. كما أنه لا بد من الاعتراف بالهنات والعثرات لأن أي مشروع ديناميكي ضخم على كل الأصعدة كالذي تمر به المملكة لا بد أن تتخلله بعض الأخطاء، لكن بالمجمل المملكة تعيش قفزة حضارية تنموية وثقافية واجتماعية واقتصادية هائلة لم نحسن إيصالها ولا الدفاع عن مهاجميها والمتربصين بها كما يجب. في غياب النخبة المثقفة أو تحييدها، وحضور نوبات السنابشات والتغريدات في السوشيال ميديا لن نستطيع خدمة الوطن كما يجب.