-A +A
ريهام زامكه
يُقال إن المقال يبين من عنوانه ولكن صدقوني؛ أكتب لكم وأنا جالسة ولستُ (مُتنكسة) على طريقة الفنان رابح صقر، لكني لم أجد عنواناً أفضل منه ليخدم المقام ويسعفني لأنه يمت لكل ما أريد الحديث عنه بصلة.

تُرى لماذا انحدر مستوى الأغنية العربية وأصبح كل من هَب ودَب يغني فيه لا على (ليلاه) فحسب، بل على رؤوسنا التي تصدعت وآذاننا التي تلوثت من سخافة الكلمات وضعف الألحان والأداء الهابط جداً؟!


لماذا اختفى الحِس الموسيقي والفن الأصيل وقرر كل من يُعجب بصوته وهو يغني في (الحمام) أن يخرج ويصبح مُطرباً يسقم الآخرين بصوته النشاز وأدائه الضحل حتى أصبح الغناء وسيلة للظهور فقط، دون الالتفات للنص ولا للموهبة الفنية التي تستحق بالفعل الإشادة والظهور لتُطربنا وتُنظف (أذانينا) وتُنقيها من شوائب وقرف الأغنيات الصابونية الموجودة على الساحات والشاشات.

كوني إنسانة عاشقة للطرب الأصيل أزعم أن لدي ذائقةً وأذناً موسيقيةً تستطيع أن تُفرق بين الطرب والعطب، والفن والاستهجان، وما نشاهده على القنوات العربية اليوم لا يمت للفن بصلة؛ لذا أطالب بأن تكون هناك أجهزة رقابية فنية تكون مهمتها مراقبة الفنان من أجل صحة الآذان، كما تقوم بغربلة وفلترة الغث من السمين على الساحة، وتقضي على آفة الغناء الركيك وتستقصي (مُطربي الغفلة) ولا تسوق لهم، وتعطي الفُرص الحقيقية للموهوبين حتى تسمو الذائقة الفنية العربية وترتقي.

كما أتمنى أن يكون هناك لجان لتقصي الحقائق في جميع أنحاء الوطن العربي، ففي كثير من الأماكن المخصصة للسهر يتم التهويل وتقديم المطرب مع لائحة طويلة عريضة من الكذب والتطبيل، ويتم تقديمه على أنه (مطرب الخليج الأول) وفي الواقع هو لا يعرف من الخليج حتى موقعه الجغرافي.

مع الأسف أن عمالقة الفن والطرب الأصيل قد (اتكلوا) جميعهم على الله منذ زمن، ولو كانوا موجودين على قيد الحياة لربما ماتوا من الحسرة على ما أصاب الفن.

ورغم أني لست من جيلهم لكني لا أنطرب وأرتفع وأحلق في سمائي إلا عندما أستمع لفنهم العظيم الذي رحلوا وتركوه وخلدوه من بعدهم إرثاً عظيماً ليبقى للأجيال القادمة (السّميعة) فقط، والتي لا تطربها أغنيات الرتم السريع والهابط الذي يشبه فقاعات الصابون.

فجيل (طِني ورور) لا يستمع لفيروز، ولا يحب حليم، ولا يطرب لأم كلثوم في ألف ليلة وليلة، ولا يقف أو حتى (يرقص) على الأطلال.

أتمنى للأغنية العربية الشفاء العاجل من داء العصر وسماسرة الفن الهابط، وبما أن الشيء بالشيء يُذكر تذكرت أغنية هابطة رقصنا عليها يوماً من الأيام واللهم لا تؤاخذنا بما فعل السفهاء منّا وأنا أولهم، كان مطلعها يقول: (حبيبي ما همُه غير الشكشكة)!

ولا أدري إلى يومنا هذا ما المقصود (بالشكشكة)؟ هل كان يقصد أن حبيبه كثير التشكي والتحلطم، أم يقصد الشكشكة المُتعارف عليها خليجياً وعربياً وهي بالبسط وهز الوسط والتمايل مع القليل من (التنكس) وطق الرقبة؟

* كاتبة سعودية

Twitter: @rzamka

Rehamzamkah@yahoo.com