الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي خلال لقائه الوفد الفرنسي أمس في الرياض. (واس)
الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي خلال لقائه الوفد الفرنسي أمس في الرياض. (واس)
-A +A
«عكاظ» (الرياض) okaz_online@
التقى الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي الشيخ الدكتور محمد بن عبدالكريم العيسى في الرياض وفداً فرنسياً رفيعاً من عدد من الوزراء والمفكرين والأكاديميين والحقوقيين والمستشرقين، وألقى محاضرة تناولت عدداً من الموضوعات منها مسائل الخصوصية الدينية في بلدان الأقليات وأهمية تأطير المطالبة بها وفق المبادئ القانونية الحاكمة في ضوء ضمانات الحقوق والحريات المشروعة التي كفلتها دساتير الدول المتحضرة، مؤكداً أن الإسلام رسخ تلك القيم وفرّق بين الحرية والفوضى، والحرية والمساس بحريات الآخرين، والحرية وتجاوز النظام العام، والحرية والإساءة للوجدان الوطني، والحرية والنيل من الأمن والسكينة العامة. وقال العيسى إن هذه مشتركات حقوقية متفق عليها بين الجميع وإن حصل اختلاف في تفاصيلها أو في قراءة بعضها بل إن الاختلاف قد يكون محتدماً بين المنظومة الحقوقية الواحدة وهذا أمر طبيعي لكن هناك كليات أو كما يُعبَّر مشتركات يتفق عليها الجميع.

واستعرض العيسي خصوصية كل بلد في شأن الفقه الإسلامي، مؤكداً أن مؤتمر الوحدة الإسلامية المنعقد بمكة المكرمة في منتصف ديسمبر الماضي والذي حضره أكثر من 1200 مفتٍ وعالم إسلامي يمثلون 28 مذهباً وطائفة أوصى بعدم تصدير الفتاوى الفقهية لأن لكل بلد ظرفيته الخاصة به، والقاعدة الفقهية الإسلامية تقضي باختلاف الفتاوى باختلاف الزمان والمكان والأحوال والعادات والنيات والأشخاص، مجيبا عن سؤال يتعلق بمدى جواز وصف التدين بظرفيته المكانية، مشيراً إلى أن التحفظ يتعلق بالصياغة اللفظية وليس المضمون على أساس أن المضمون متوافق مع القاعدة الفقهية التي ذكرناها.


وأكد أمين الرابطة في محاضرته أن معظم الإشكالات سواء كانت دينية أو حقوقية أو ثقافية وهي التي تتعلق باحترام الثقافة العامة منشؤها ثلاثة أسباب، سوء الفهم ابتداء وعدم التفاهم وهو الحوار للنقاش والتداول وصولاً إلى أكبر قدر من التوافق في ضوء المشتركات التي يؤمن بها الجميع، والثالث عدم استيعاب إرادة الخالق الكونية في الاختلاف والتنوع والتعدد؛ وبناء عليه فيُفترض ألا يُسمح للاختلاف بإيجاد الحواجز النفسية التي تنشأ عنها غالباً الكراهية والنزاعات الوطنية، ومتى استوعب الجميع هذه الحكمة الإلهية التي يُسلم بها المؤمنون بالخالق وتحاكموا إلى المشترك الوطني وسلموا بأدوات حسمه الدستور واقتنع كل منهم بأن الاجتهادات والآراء تظل وجهة نظر لأصحابها وأنها في نهاية مطاف مطالبها خاضعة للنص الحاكم على الجميع بتفسير صاحب الصلاحية انتهى كل شيء ومن كان على أرض وجب عليه احترام قانونها.

وقال العيسى في محاضرته، «نختلف لكن نتفاهم، نختلف لكن نتحاور، نختلف لكن نتحاب، نختلف لكن نتسامح ونتعايش ونتعاون، والمشترك الإنساني بأخوته وأسرته الواحدة عنصر مهم في وئام وسلام عالمنا»، وأضاف أن أكبر داعم له في الدولة الوطنية هو مراعاة الخصوصيات الدينية واحترامها ولاسيما أن الحريات المشروعة المشمولة بمواد غالب الدساتير المعاصرة تُعتبر ضامنة لتلك الخصوصية عندما يتم تفسيرها بمنطق منفتح.