-A +A
محمد آل سلطان
من ضمن باقة قنوات التلفزيون السعودي التي تشرف عليها الهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون قناتا القرآن الكريم والسنة النبوية، وتحظى هاتان القناتان بمتابعة فائقة وفي أنحاء كثيرة من العالم الإسلامي وعند المسلمين حيثما كانوا على الأرض أو هفت أفئدتهم للحرمين الشريفين وخصوصاً في المواسم والمناسبات الدينية مثل شهر رمضان وشهر الحج من كل عام..

لكن هاتين القناتين مع الأسف لا تحاكيان ما هو مطلوب منهما وربما لا تدركان أهميتهما وتأثيرهما! فهما تكتفيان بالنقل المباشر للصلوات الخمس مع تثبيت كاميرا على الحرمين وتلاوة القرآن الكريم وقراءة أحاديث من السنة النبوية طوال الوقت.. ورغم ركنية هذا وأهميته القصوى وكونه أساساً في فكرة بث القناتين إلا أنني أرى أن بإمكان قناتي القرآن والسنة أن تقدما ضمن ساعات بث محددة أخرى في غير أوقات الصلوات والتلاوة والقراءة ما هما جديرتان فعلاً بأن تقدماه..


ومن ذلك على سبيل المثال لا الحصر أن الناس في المملكة العربية السعودية وخارجها لا يعرفون إلا النزر اليسير عن الخدمات المقدمة في الحرمين الشريفين مثلاً على مستوى أنظمة النظافة والأمن والسلامة وإدارة الحشود وعلى السقاية وأنظمة الكهرباء والإضاءة.. إلخ، هناك تقنيات متقدمة ومعقدة فعلاً تفخر المملكة العربية السعودية في تقديمها لزوار وقاصدي البيت الحرام والمسجد النبوي الشريف..

قصة عمارة الحرمين الشريفين في العهد السعودي بكل تفاصيلها حكاية وثائقية أخرى يمكن أن تكون هدية ثمينة لكل مشاهدي قناتي القرآن والسنة بكل اللغات الحية والخاصة بشعوب العالم الإسلامي بل لكل فن «الوثائقيات في العالم» في عالم العمارة والهندسة وتعطي الانطباع الحقيقي عما بذلته هذه البلاد من جهود حقيقية كلفت مئات المليارات لأجل إعمار الحرمين الشريفين.

وأيضاً ماء زمزم تاريخه واستخراجه وتعبئته ونقله قصة وثائقية أخرى تنتظر إبداعاً في إنتاج المحتوى وفق أعلى معايير الوثائقيات، وغير زمزم الكثير من القصص الوثائقية التي ستصبح رصيداً مهماً في عالم الوثائقيات سواء من جهة تفاصيل الحرمين الشريفين أو من جهة أوسع من ذلك لتشمل كل الآثار والتاريخ الإسلامي في عاصمتي الإسلام مكة المكرمة والمدينة المنورة منذ البعثة وحتى المشاريع الكبرى التي زخرت بها المدينتان في العهد السعودي الميمون مثل مشروع قطار الحرمين الشريفين، والمطارات الجديدة القادمة في جدة والطائف والمدينة المنورة..

في رأيي أن الأولى بهذه القنوات إضافة لما تقوم به الآن من البث المباشر للصلوات وتلاوة القرآن وإذاعة الحديث الشريف أن تستفيد من مواسم الرواج على الأقل وتنقل كل تلك التفاصيل وتساعد أن يعيش أكثر من مليار مسلم حكاية روحانية أخرى لا تنتهي إلا بزيارة تشفي الغليل وتروي روح العليل..

إن على هيئة الإذاعة والتلفزيون السعودية مسؤولية كبرى في تنمية روح الإبداع فيها لإنتاج المحتوى الرصين وسلسلة الوثائقيات العالمية إضافة للإحساس بالمسؤولية حول ترجمتها بالطرق الحديثة تاريخ العهد السعودي الزاهر في الحرمين الشريفين والمدينتين المقدستين وأن تجاري أيضاً النقلة الكبرى لرؤية المملكة 2030 التي جعلت مرتكزها ومحورها الأول أنها العمق والثقل العربي والإسلامي الذي لا يستطيع أن يجاريها أو ينافسها أحد في ذلك، وهو شرف قامت وتقوم به المملكة على أكمل وجه وتحتاج فقط إلى أن «تصحصح» هيئة الإذاعة والتلفزيون وتحشد كل إمكاناتها لأن تنقل قوة السعودية الناعمة والمؤثرة لكل المسلمين في أصقاع الأرض وبكل اللغات التي يتحدثونها.

* كاتب سعودي

@dr_maas1010