-A +A
عيسى الحليان
من يحضر المؤتمرات والمنتديات الدولية المعنية بالتنمية البشرية وأسواق العمل، يلاحظ أن أغلبية الخبراء والمنظرين لرأس المال البشري أصبحوا يدقون ناقوس الخطر أمام الحكومات حول طبيعة المتغيرات المتسارعة التي تجتاح أسواق العمل حاليا، وأن ما يقارب 2 مليار وظيفة (50% من إجمالي الوظائف في العالم) سوف تنقرض إلى أن تختفي من السوق في 2030 تقريباً، كما أن 65% من طلاب المرحلة الابتدائية اليوم سوف يمارسون وظائف جديدة ليست معروفة بيننا حاليا !

وليت هذه التحذيرات توقفت عند هذا الحد في ما يتعلق بتموجات أسواق العمل وإعادة هندستها من جديد، لكنها تجاوزتها لما هو أهم وأخطر، وأن المقارنة عندئذ لن تكون بين وظيفة إنسان وآخر، بل بين وظيفة إنسان وآلة، خصوصاً عندما يكتمل الإطار الإنترنتي حول العالم ويدخل في نطاقه 8 مليارات شخص، وهو ما سوف يعيد رسم أسواق العالم أفقياً ورأسياً بالكامل، ويغيّر من طبائع الحياة، والويل لمجتمع لم يستعد لهذا اليوم من الآن كما يشير تقرير الأمم المتحدة.


وانسجاماً مع هذه التحولات بدأت بعض المؤسسات الدولية تطرح تصنيفات عن الوظائف العشر الأولى في العالم والتي سوف يتم توليدها على أنقاض الوظائف التقليدية، ومن بينها البرمجة، أمن المعلومات، تحليل المعلومات، الطاقة البديلة، القانون الدولي، الطباعة الثلاثية، التعليم عن بعد، التسويق، المخطط الشخصي، وأخيرا المستشار المالي.

مثل هذه المتغيرات المتسارعة سوف تؤدي الى خلط الأوراق في أسواق العمل وتؤدي إلى تغيير ملامح الوظيفة العامة، كما سوف تؤدي إلى إخراج بعض المهن المعروفة من الخدمة، ويبقى التعويل على مدى الاستجابة لهذه التحولات في بلادنا مناطا بالتعليم بالدرجة الأولى، ومدى قدرته على قراءة هذا الواقع، وكفاءة جيناته في تحقيق هذه التحولات التي تفرضها هذه المتغيرات المتسارعة في أسواق العمل !

*كاتب سعودي