-A +A
«عكاظ» (الرياض)
برعاية خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، بدأت اليوم (الأربعاء) أعمال الدورة الأولى لمؤتمر القطاع المالي، الذي ينظمه شركاء برنامج تطوير القطاع المالي (أحد برامج رؤية المملكة 2030)، الممثلون بوزارة المالية، ومؤسسة النقد العربي السعودي، وهيئة السوق المالية، بمشاركة صنّاع القرار في القطاع المالي وكبار التنفيذيين في المؤسسات المالية محلياً وإقليمياً ودولياً.

ويستمر المؤتمر الذي يحمل شعار «آفاق مالية واعدة» يومين، ويقام بمركز الملك عبدالعزيز الدولي للمؤتمرات بمدينة الرياض.


وألقى وزير المالية رئيس لجنة برنامج تطوير القطاع المالي محمد بن عبدالله الجدعان كلمة في بداية أعمال المؤتمر رفع فيها الشكر والتقدير لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود على رعايته الكريمة للمؤتمر، وللأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء رئيس مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية على دعمه المتواصل في سبيل رفعة شأن الوطن وتنمية اقتصاده ومقدراته الوطنية من أجل تحقيق العيش الكريم لأبناء الوطن.

ورحب الجدعان بالحضور والمتحدثين في المؤتمر المنبثق من برنامج تطوير القطاع المالي، الذي يعد واحداً من برامج «رؤية المملكة 2030»، وينظمه شركاء البرنامج ممثلين بوزارة المالية، ومؤسسة النقد العربي السعودي، وهيئة السوق المالية، وذلك لتطوير قطاع مالي متنوع وفاعل يدعم تنفيذ الرؤية لاقتصاد أكثر شمولاً وتنوعاً واستدامة.

وأكد أن المملكة تسير قدماً في تنفيذ برنامجها الشامل للإصلاح الهادف لضبط المالية العامة وتعزيز الشفافية، وتمكين القطاع الخاص، ودعماً لهذه الجهود يأتي تنظيم هذا المؤتمر، معرباً عن تطلعه أن يكون المؤتمر منصة عالمية وعلمية لتبادل الخبرات، وعرض التجارب والأفكار، ومناقشة أبرز التحديات، وتسليط الضوء على الأنظمة والتشريعات، ليكون فرصة لتبادل أفضل الممارسات والتجارب، دعماً لـ«برنامج تطوير القطاع المالي» وإسهاماً في تحقيق أهدافه، واستفادة المشاركين فيه أفراداً ومؤسسات، وأن يكون الحدث الأبرز على مستوى المنطقة لمناقشة ما يهم القطاع المالي.

وقال: إدراكاً من حكومة المملكة لأهمية التنفيذ الدقيق لبرامج الرؤية واستجابة لتطلعات المواطنين، فإنها تحرص على الالتزام بمبادرات برامج «رؤية المملكة 2030» بالتخطيط والانضباط المالي تحقيقاً للنمو الاقتصادي والاستدامة المالية، وقد جاءت ميزانية هذا العام مؤكدة على أن السياسة المالية للمملكة ماضية نحو تحقيق أهدافها المرتبطة بتطلعات «رؤية المملكة 2030»، مع العمل على توظيف واستخدام الأدوات والإجراءات المالية المتاحة لتحقيق ذلك.

ولفت وزير المالية النظر إلى أن التحولات المنتظرة في القطاع المالي والتطبيقات التقنية الحديثة في مجال الصناعة المالية تحتّم مواصلة التطوير والسعي الحثيث، لمواكبة آخر التطورات العالمية في هذه الصناعة من خلال تهيئة البيئة الجاذبة للاستفادة من فرص التطور التقني والرقمي في هذه الصناعة، ومواجهة التحديات التي يمكن أن تنشأ عنها.

وبين وزير المالية رئيس لجنة برنامج تطوير القطاع المالي محمد بن عبدالله الجدعان أنه خلال المرحلة الماضية تم العمل على العديد من الإصلاحات، ما أسهم في تحقيق إنجازات حافلة للسوق المالية السعودية؛ لكونها أهم وأكبر الأسواق المالية في المنطقة، حيث أسهمت الإصلاحات في تقدم ترتيب المملكة في مؤشر حَوكَمة المساهمين ضمن تقرير التنافسية العالمي الصادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي من المرتبة 77 في العام 2017، ليقفر في العام 2018 إلى المرتبة الخامسة عالمياً والثانية ضمن مجموعة العشرين، كما ارتفع ترتيب المملكة في مؤشر حماية أقلية المساهمين ضمن تقرير ممارسة الأعمال الصادر عن البنك الدولي من المرتبة 63 في العام 2016 ليصبح في المرتبة السابعة عالمياً في العام 2018، كما أسهمت في كسب ثقة المستثمرين وانضمام السوق المالية السعودية لمؤشرات الأسواق الناشئة.

وأكد أن العمل سيستمر باتخاذ كل ما من شأنه تطوير وتعزيز الثقة في السوق المالية السعودية بما يمكن المملكة من أن تصبح من أهم 10 أسواق مالية على مستوى العالم بحلول العام 2030، مشيراً إلى أن المؤشرات الاقتصادية تؤكد ارتفاع معدل نمو الناتج المحلي غير النفطي ليبلغ 2.1% في العام 2018 مقارنة بـ1.3 % في العام 2017، وكذلك نمو نشاط قطاع المال والتأمين والعقارات وخدمات الأعمال الذي يشكل نحو 10% من إجمالي الناتج المحلي، حيث بلغ متوسط نموه خلال السنوات الخمس الماضية نحو 3.3% سنوياً، إضافة إلى تحسن مؤشرات الانضباط المالي والاستدامة المالية.

ولفت النظر إلى أنه من المتوقع استمرار نمو الناتج الإجمالي مدعوماً بالسياسات الاقتصادية والمالية المحفزة، مؤكداً أن السياسة المالية في المملكة ستواصل إعطاء الأولوية لدعم النمو والتنمية الشاملة ودعم القطاع الخاص من خلال تسهيل ممارسة الأعمال وإزالة المعوقات وتوفير التمويل وحزم المساعدات النوعية، مبيناً أن من أولويات هذه السياسة زيادة الإنفاق الرأسمالي في قطاعات البنية التحتية، والاستثمار وتطوير الخدمات العامة للمواطنين كمّاً ونوعاً، مع الحرص على الاستدامة المالية وخفض العجز في ضوء مستهدفات مبادرات برنامج تحقيق التوازن المالي الذي يعد مرتكزاً للسياسة المالية على المدى المتوسط.

وأبان وزير المالية رئيس لجنة برنامج تطوير القطاع المالي أن الاستقرار الاقتصادي والمالي هو الركيزة الأساسية لدفع عجلة النمو الاقتصادي الشامل والمستدام، لدعم مسيرة الإصلاح الاقتصادي، وصناعة مستقبل مزدهر للأجيال القادمة، كما أنه عنصر رئيسي لبيئة صالحة لتنمية وتطوير القطاع المالي، مفيداً بأن سياسة الحكومة أسهمت في خفض عجز الميزانية، وتنويع الإيرادات، فقد طبّقت المملكة جملة من التدابير التحفيزية والمساندة للاقتصاد، ورفع كفاءة الإنفاق الحكومي، ما أدى إلى انخفاض عجز الميزانية إلى نحو 5.9% من إجمالي الناتج المحلي في العام 2018 مقابل 9.3% في عام 2017، وقد صاحب ذلك ارتفاع نمو الناتج المحلي الحقيقي بمعدل 2.2%، حيث بلغت مساهمة القطاع غير النفطي في نمو الناتج المحلي الإجمالي 56.2%، ومن المتوقع أن يستمر هذا الارتفاع وبشكل تصاعدي.

ولفت وزير المالية الانتباه إلى التقدم المحرز الذي سجلته المالية العامة خلال الربع الأول من العام الحالي 2019، الذي حققت المالية العامة فيه نتائج إيجابية وذلك بتحقيق فائض قدره 27.8 مليار ريال وهو أول فائض في الربع الأول يسجل ابتداء منذ العام 2014، إذا ارتفع إجمالي الإيرادات بنحو 48% في الربع الأول للعام 2019 مقارنة بالربع المماثل من العام الماضي 2018، وارتفع إجمالي الإنفاق بنحو 8% لنفس الفترة وارتفاع الإيرادات غير النفطية خلال الربع الأول من العام الحالي بأكثر من 3 أضعاف الإيرادات غير النفطية المحققة في عام 2014 إذ بلغت نحو 76.3 مليار ريال مقارنة بـ21.9 مليار ريال في العام 2014، مؤكداً أن النتائج تعكس التقدم الملحوظ في أداء المالية العامة منذ انطلاق برنامج تحقيق التوازن المالي.

وأشار الجدعان إلى أن استمرار متانة وملاءة القطاع المالي سيسهم في تعزيز قدرته على أداء دوره المحوري في التنمية الاقتصادية ودعم مبادرات التحول وتوفير المزيد من المنتجات التمويلية والاستثمارية المتنوعة، وستؤدي -بإذن الله- خطط برنامج تطوير القطاع المالي إلى تطوير سوق مالية متقدمة تعزز التخطيط والتثقيف والشمول المالي وتحفز الادخار وتؤدي إلى تنويع مصادر التمويل.

وقال: «تتطلع المملكة العربية السعودية من خلال رئاستها لمجموعة العشرين في عام 2020، أن يكون عام 2020 بداية لعقد جديد من التعاون بين أعضاء مجموعة العشرين من أجل قمة تعزز نمواً اقتصادياً قوياً ومتوازناً وشاملاً ومستداماً، وتسعى المملكة إلى دعم بيئة الحوار وتعزيز التعاون من خلال مناقشة سبل معالجة التحديات الاقتصادية والاجتماعية في العالم، ولذلك ستساهم المملكة في الحث على التركيز على المشكلات المشتركة لأعضاء مجموعة العشرين وبقية الدول، وتبادل الخبرات، لما فيه مصلحة دول مجموعة العشرين ولمنفعة العالم».

وتابع: «تعمل المملكة على صياغة جدول أعمال شامل للمسار المالي في مجموعة العشرين من خلال التشاور الوثيق مع الأعضاء والمنضمات الدولية وبناءً على العمل الذي قامت به دولة الرئاسة الحالية اليابان ومن سبقها، فإننا سنتطرق إلى مجالات مثل: تعزيز مراقبة المخاطر العالمية، ومواجهة التحديات الضريبية الممثلة في الاقتصاد الرقمي، وتعميق الشمول المالي، وتقييم أثر تطبيق التشريعات المالية على القطاع المالي، وأثر التكنولوجيا وتحسين بيئة الاستثمار في البنى التحتية».

وأكد وزير المالية أن المملكة ولأول مرة في تاريخها، أصدرت صكوكا لمدة 30 عاماً بقيمة تتجاوز 9 مليارات ريال.

وأعلن الجدعان موافقة مجلس الوزراء خلال المؤتمر على الترخيص لبنك كريديت سويس كبنك أجنبي.

وكشف العمل مع مؤسسة النقد العربي السعودية لتطوير قطاع التأمين في المملكة.

عقب ذلك، بدأت جلسات أعمال الدورة الأولى لمؤتمر القطاع المالي، بحضور قياديي عالم المال والأعمال محلياً وإقليمياً وعالمياً، وممثلين عن القطاعين العام والخاص المحلي والدولي بما في ذلك كبرى المؤسسات الدولية وشركات الاستشارات والخدمات المالية المعروفة عالمياً ووكالات التصنيف الدولية والخبراء والمتخصصين في شؤون المال والاستثمار والمصرفية والتمويل والتأمين.