-A +A
ريهام زامكه
يبدو أن التطبب بالأدوية ليس كافياً في بعض الأحيان، فالبعض يحبذ ويلجأ إلى التطبب والتداوي بالأعشاب والتهاويل والوصفات الشعبية المُتشبعة بالوهم والحقيقة، ومنها ما قسم الناس لنصفين وصار بينهم خلافٌ مستمر ورأيان مختلفان أحدهما يؤيده والآخر يعارضه كاستخدام (بول الإبل) للعلاج.

ويستند الأشخاص المؤيدون على أن العرب قديماً كانوا يستخدمون بول الجِمال لعلاج العديد من الأمراض العضوية المختلفة وبعض أمراض العدوى البكتيرية والفيروسية، وبناءً عليه قام بعض العلماء مؤخراً بدراسة لبعض خصائص بول الجمل العلاجية، ولم يتوصلوا لغير أنها مجموعة من (الخرابيط) غير الصحيحة، ولكن أُبشر المُهتمين والمُتحمسين والمُتذوقين حتى لا يصابوا بالإحباط ما زالت الدراسات قائمة (تحت كل بعير) على قدمٍ وساق.


أما علماء العصر الحديث المعارضون لهذا النوع من العلاجات فحذروا بشده من استخدامه، مستندين على تحذير من منظمة الصحة العالمية بعد انتشار (فايروس كورونا) بعدم مخالطة الجِمال واستخدام منتجاتها ومُخرجاتها دون رقابة صحية، وهذا من بعد دراسات علمية حديثة وعديدة تثبت بأن بول الجمال قد يسبب أمراضاً كثيرة نظراً لوجود الكثير من المواد شديدة السُمية فيه إلى جانب تركيز «مادة اليوريا» السامة جداً فيه أكثر من أي حيوان آخر وهذا لطبيعة جسمه الذي يستطيع تخزين السوائل لأطول مدة زمنية ممكنة. مع أخذهم بالاعتبار إلى العديد من الحالات المُتسممة التي سُجلت وانتهى بها الحال في المستشفيات بعد تناول كأساً (فرِش) من البول -أعزكم الله-.

وبينما كنت واقفة على آراء المؤيدين والمعارضين ومن (قرادة حظي) شاهدت مقطعاً مرئياً وعملياً لشخص يجلس (مُنشكحاً) ومتربعاً تحت ناقة (محصورة) وينصح من يعانون أو لا يعانون من الأمراض بوصفة علاجية جعلت نفسي (تلعِي) ولأني أحبكم سأحوم كبودكم معي، وهي كالتالي:

أن تأخذ يا عزيزي (قلاس) من بول الإبل الطازج، وتصب عليه ثلاث (قلاسات) من الحليب، ثم تخلطهم جيداً وترجهم رجاً مُبرحاً وتسمي بالله وتشربه دفعةً واحدة، ومن بعدها سترى كيف تدُب الصحة والعافية في جسدك دباً بعد كوكتيل (البُولينا) هذا!

ما هكذا تورد الإبل يا جماعة والله، فلو افترضنا جدلاً وجود منافع في بولها رغم أن ليس هناك أي ورقة علمية تثبت ذلك حتى الآن، يجب أن ينقح ويحلل مكروبياً وكيميائياً للتأكد من إنه صالح للاستخدام الآدمي بإعادة تصنيعه وتركيبه في الأدوية بأقراص أو كبسولات أو شراب أو حُقن أو لبوس أو أي (بلا) آخر غير شربه و(قربعته) مباشرةً كما (يُقربع) الظمآن من السير الطويل الماء!

والحمد لله الذي عافانا ورزقنا بنعمتي العقل والعلم، فالعقل يفكر والعلم يتطور ويتجدد بشكلٍ مستمر، ولا يقف أبداً عند حدٍ معين، ولذلك تجد في كل مجال علمي أمراً جديداً ومختلفاً يبرز الجانب المعرفي فيه ويسنده بالأدلة والبراهين والتجارب العلمية الدقيقة، لهذا أنا أتبع عقلي دائماً وأبداً.

أما الإخوة (شرابّين) الأبوال والمتداوين والمتلذذين بها أقول لهم دون أي (مآرب آخرى) عليكم بألف عافية يا رب «ومطرح ما يسري يمري» فقط أرجوكم أن تتركوا الناس وشأنهم وجهلهم ولا تحرضوهم على (بلبعة) أي شيء دون أي خلفية صحية، فليس كل شيء صالحاً للشرب، وإن صلح فحتماً لن تكون الفائدة في شرب الفضلات لكنكم أبخص بما (تُبلبعون).

* كاتبة سعودية