-A +A
أنمار مطاوع
ثقافة المجتمع الخاصة بـ(أكل السوق) تغيّرت تماما عما كانت عليه قبل عقد أو عقدين من الزمن، خصوصا في شريحة الطبقة الوسطى. فـ(أكل السوق)؛ المصطلح التقليدي الذي يطلق على كل أنواع الأكل خارج المنزل، أصبح مفردة ثقافية في كل منزل وأسرة.. سواء بالطلبات الخارجية – وتطبيقاتها الميسّرة – أو الذهاب للمطاعم كجزء من (رحلة ترفيهية). مجمعات المطاعم مزدحمة ومكتظة برواد من مختلف الأعمار خلال أيام الأسبوع، وفي نهاية الأسبوع، الجلوس بالحجز والانتظار بالطابور. إقبال ملفت وظاهرة لا يمكن إهمالها.

مقابل هذا الإقبال، يوجد تدنٍّ في مستوى جودة الوجبات التي تقدم.. تدنٍّ يصل حد التسمم.


حملات التفتيش المستمرة التي يُعلن عنها في وسائل الإعلام المختلفة تكشف حجم الكوارث الصحية والبيئية في هذا النوع من الأكل. تشير تلك الحملات إلى ضبط كميات من الخضروات الفاسدة والمواد المنتهية الصلاحية، واستخدام أدوات صدئة في إعداد الوجبات، إضافة إلى استخدام مواد مجهولة المصدر.. ولحوم دواجن لا مصدر لها أساسا.. والقائمة تطول.

خطوة وضع واجهة زجاجية لكشف المطبخ في المطاعم لا تحل كامل المشكلة. فالجزء الأهم هو طريقة الحفظ والتخزين.. ونوعية المواد المستخدمة. كشفت بعض الحملات عن مخالفات إضافية مثل: وجود ذباب داخل السكر ووجود حشرات في الثلاجات..

جولة واحدة على مطاعم الفنادق ذات النجوم الكثيرة، تكشف عن مخالفات (بديهية تستوجب الإغلاق دون جدال) كما تقول أمانات المدن، التي تضيف: (.. يوجد استخدام لمواد أولية منتهية الصلاحية وسوء تداول الأغذية والحفظ والتخزين.. فضلا عن عدم وجود شهادات صحية..). هذه التجاوزات ليست داخل المطاعم خمسة نجوم فقط.. بل تشمل المقاهي ومطاعم الوجبات السريعة والملاحم والمخابز..

في بعض جولات التفتيش، يتم الكشف عن تشغيل عمّال نظافة وسائقين في إعداد الوجبات.. وتبيّن أن لدى بعضهم جروحا ملوثة بأيديهم.. (.. ولا يستخدمون القفازات). والأسوأ.. أن بعض المطاعم يتم إعداد وجباتها في أحواش بطريقة بدائية مقززة.

الصحة العامة ليست مسؤولية الدولة وحدها.. هي مسؤولية المجتمع.. ومسؤولية الأفراد.. ومسؤولية رواد تلك المطاعم.. فهم الشريحة المعرضة – في أي وقت – لحالة تسمم من تلك الوجبات.. أيا كانت شكليات المطاعم وأسماؤها البراقة.

خلال شهر رمضان الكريم يزدهر (أكل السوق) بشكل كبير.. ولن تستطيع الأمانات ولا وزارة الصحة ولا هيئة السياحة أن تسيطر على الظاهرة.. الحل في وعي المجتمع.. شهر رمضان الكريم هو شهر الزهد وليس الشراهة في الأكل.. خصوصا (أكل السوق).

* كاتب سعودي

anmar20@yahoo.com