-A +A
بشرى فيصل السباعي
كانت صدمة لا توصف عندما أعلنت الشرطة الأمريكية إلقاء القبض على فتاة اسمها «جبسي روز بلانشارد»، تعاني من السرطان والصرع وضمور العضلات والشلل ومرض القلب والربو والتخلف العقلي وضعف البصر والسمع وتعيش على الأجهزة وتتغذى عبر أنبوب بالمعدة بتهمة قتل أمها التي كانت مشهورة في مواقع التواصل لقيامها برعاية ابنة تعاني من كل هذه المشاكل الخطيرة حتى أن المشاهير قدموا تبرعات كبيرة لها وتصوروا معها وتم إهداؤها بيتاً جديداً، والصدمة التالية التي تلقاها الرأي العام كان ظهور الفتاة الشابة في أول جلسة بالمحكمة وهي تمشي على قدميها معافاة وعاقلة ودون أجهزة وبوزن طبيعي بعد أن كانت تبدو كهيكل عظمي ولتكشف الشرطة الحقيقة الصادمة وهي أن هذه الأم التي كانت مضرباً للمثل في تفاني وتضحيات الأمومة بالواقع أوهمت ابنتها منذ بداية حياتها بأنها تعاني من كل تلك الأمراض والإعاقات مع أنها معافاة تماماً وكانت تمنعها من المشي وتعاقبها عليه وعزلتها عن أي حياة طبيعية من تعليم وعمل وصداقات وجعلتها تقضي عمرها بالمستشفيات وعندما حاولت الابنة الهرب من هذا الجحيم بعد تجاوزها سن العشرين أمسكتها أمها وقيدتها بكلبشات إلى السرير ووضعت أجراسا على باب حجرتها لمنعها من المغادرة فتعرفت عبر الإنترنت على شاب بمثل عمرها وكانا يريدان الزواج لكن الأم رفضت، فالأم تعاني من حالة تسمى بعلم النفس «متلازمة مونخهاوزن بالوكالة-FDIA/‏MSBP» وتتلخص في أن الشخص يدعي أن أحداً ما وهو معافى وتحت رعايته يعاني من مرض وعجز مستمرين، وقد يتعمد إصابته بأضرار صحية كالتسمم المتكرر للحصول على التعاطف والإعجاب من الناس لتضحيته برعاية هذا العاجز، والأم بمزاعمها قد تتسبب بإخضاع طفلها لإجراءات طبية مدمرة لصحته كما بحالة هذه الفتاة التي عانت من أضرار صحية كبيرة جراء العمليات والأدوية الخطيرة التي كانت تعطى لها دون أي مرض، وقد تقتل الأم أطفالها الواحد تلو الآخر للحصول على التعاطف، وبالمناسبة هناك برنامج وثائقي اسمه «My 600-lb Life» عن حياة الذين ما عاد يمكنهم التحرك لفرط البدانة والصدمة الأكبر كانت أن عدداً منهم بعد فقدهم للوزن انفصل عنهم أزواجهم لأنه تبين أن الطرف الذي يعتني بالبدين كان يعارض تحسنه وعودته

للحياة الطبيعة لأنه كان يحب القيام بدور المضحي برعاية طرف عاجز، وعند زوال العجز آثروا الانفصال للبحث عن عاجز آخر يتواكل على رعايتهم، وهذه المتلازمة تبين لماذا يعارض البعض كل ما يجعل النساء طرفاً غير عاجز.


* كاتبة سعودية

bushra.sbe@gmail.com