-A +A
حمود أبو طالب
قبل فترة قريبة ذهب وفد سعودي رسمي كبير في زيارة إلى السودان تم خلالها عقد عدة اتفاقات مشتركة وتقديم دعم مالي كبير لتمويل مشاريع اقتصادية وإنسانية، وقد أكدت المملكة حينها أن ذلك يأتي من منطلق الحرص على دعم السودان الشقيق وعدم تركه يتعرض للمتاعب التي تؤثر على شعبه. تلك الزيارة ربما كانت آخر زيارة لوفد سعودي في عهد الرئيس السابق عمر البشير، لكننا لو راجعنا أرشيف زيارات الوفود الرسمية السعودية للسودان على مدى الثلاثين عاما من حكم البشير لوجدنا عددها كبيراً، ولو حصرنا المساعدات العينية والمالية والدعم الاقتصادي للسودان لوجدناه ضخماً، فالمملكة قدمت مليارات الدولارات للسودان دون منة واستشعاراً منها لواجب الأخوة تجاه شعب عزيز، كما أنها وضعت كل ثقلها وسخرت كل إمكاناتها لرفع العقوبات التي فرضت على السودان، لكن ماذا فعل البشير ونظامه تجاه كل ذلك؟؟

أسوأ ما فعله أن الشعب السوداني لم يستفد كثيراً من كل ما قدمته المملكة لأن النظام المؤدلج الفاسد كان يبعثر كل مقدرات السودان وخيراتها وكل ما يقدمه الأشقاء لها على مشاريع يتضرر منها السودان وأشقاء السودان. البشير كان يزورنا اليوم ويذهب الى قطر اليوم التالي وفي اليوم الثالث يتمسح بكفي خامئني واليوم الذي بعده يستقبل أردوغان فاتحاً ومحتلاً لجزء من السودان، فعل ذلك حتى بعد أن أصبح ذلك المحور يناصبنا العداء وينصب لنا شراك المؤامرات، وحتى بعد أن حدثت القطيعة التامة معه، ومع ذلك استمر الدعم للسودان لأن شعبه هو الأهم بغض النظر عن سياسات النظام وحتى لو تضررنا منه.


الآن وبعد أن حدد الشعب السوداني خياراته بادرت المملكة إلى تأييده لأنها تحترم خيارات شعب شقيق واعٍ قادر على إدارة مرحلته، لم تنتظر المملكة لأن ليس لها حسابات أخرى غير مصلحة الشعب السوداني، وقد أمر خادم الحرمين الشريفين بحزمة فورية من المساعدات تعين السودان على تجاوز ظروفه الراهنة.

المملكة بالذات، ومعها دول الاعتدال العربي، تريد للسودان الشقيق كل الخير، وتريده أن يعود الى الحضن العربي بعيداً عن المغامرات الخطرة مع المارقين والإرهابيين وأعداء الأمة العربية، والشعب السوداني العظيم قادر على ذلك بعد تخلصه من حقبة كئيبة أرهقته كثيراً.

* كاتب سعودي

habutalib@hotmail.com