-A +A
حمود أبو طالب
أكدت المحكمة في ردها على دعوى النيابة العامة، بعد اطلاعها على المقاطع محل الادعاء، بأن المتهم وجه نقده إلى فئة معينة وأسلوب مخصص وليس على وجه العموم للمجتمع السعودي، وهو من قبيل النقد وحرية التعبير. وشددت على أنه «لا ريب في إبداء الرأي كونه حقا مكفولا لكل شخص ما لم يتجاوز في رأيه بالإساءة للآخرين». «عكاظ» التقطت أمس الأول هذا الخبر وجعلته مانشيتا باتساع صفحتها الأولى يقول «حرية التعبير مكفولة»، وبدوري، ولأني غير موجود في الوطن الآن سوف أرفع القبعة التي اعتمرها هذه اللحظة احتراماً وفخراً بالمحكمة الجزائية في جدة وبقضائنا عموما وهو يرفض اتهام النيابة العامة لأحد المواطنين بالإساءة للمجتمع، والأهم من ذلك عندما يقول القضاء إن حرية التعبير حق مكفول للجميع، وفي نفس الوقت سوف أهاتف ابني في الوطن كي يرفع عقالي وغترتي وطاقيتي نيابة عني، إعجاباً واعتزازاً بما يحدث لدينا.

وبعد ذلك سوف أقول:


ذات مرة وأنا في زيارة لدولة عربية شقيقة أخذت من الطائرة مجموعة من صحفنا اليومية كي أقرأها بالتفصيل لاحقاً في الفندق، وكنت على موعد فور وصولي مع صديق إعلامي وكاتب ومثقف في تلك الدولة لكي نذهب سوياً لحضور فعالية ثقافية. وبينما كنت أجهز نفسي للخروج كان هو يستعرض عناوين بعض مقالات الرأي وبعض الأخبار في الصحف التي اصطحبتها معي، وقبل أن نخرج سألني بدهشة: انتو تكتبوا الكلام ده في جرايدكم، معقول؟ قلت له: شوفة عينك. قال لي وحاجباه في أعلى وجهه: تصدق بالله بعض اللي قريته يمكن صعب كتابته عندنا. ثم أردفت قائلا:

تصدق بالله إننا نكتب في كل شيء طالما كانت الكتابة بضمير وموضوعية ومن أجل صالح الوطن. نناقش الأوامر الملكية وقرارات مجلس الوزراء ومجلس الشورى وننتقد أداء الوزارات دون استثناء، ومن تجربة شخصية يا صديقي لم تداهمني خفافيش الظلام ولم يتم اعتسافي وجرجرتي إلى غرف التحقيق. حرية التعبير لدينا مكفولة طالما يعرف الكاتب أدبياتها واشتراطاتها وأخلاقياتها.

ربما لم يصدقني صديقي آنذاك، ولذلك أطلب منه قراءة هذا الخبر. وأرجوه أن يقف معي احتراماً لهكذا قضاء، ولهكذا دولة.