-A +A
عبده خال
يحمل لنا تراثنا قصص العشاق في أبهى صورها من العفة وصيانة القيم الأخلاقية سواء من العاشق أو المعشوقة، وتلك القصص ارتحلت في سفر دائم على ألسنة الرواة، ولأنها حملت العذرية فقد شاعت بين العامة واستقبلوها بطيب خاطر بينما تم تناسي القصص غير المحافظة فلا تسمع إلا ما تم التصديق على تمسكه بالقيم الاخلاقية...

هذا لا يعني أن المجتمع في تشكلاته وأطيافه غير معنيٍّ بالبحث عمّا قيل وحدث من اختراق للسائد، فقد ظهرت كتب عديدة في هذا الجانب إلا أن المجتمع أسدل عليها الحجب..


وهذا أمر معروف لدى الكثيرين، ولو أراد باحث متابعة (كريف) العادات والتقاليد وتسيد قيم أخلاقية في زمن وانحطاطها في زمن آخر فسيجد نقاطاً بعينها أسهمت في إحداث الرضا عن عادة دون أخرى.. إلا أن مئات السنوات الماضية كان السلوك المشين في الدرك الأسفل من طبقات المجتمع ولا يتم تعميم تلك الممارسات الشائنة وإقصاء صاحبها من الظهور أو التبجح أمام الآخرين، وظلت القيم الإنسانية النبيلة تطفو على السطح حتى قفز العالم قفزته المهولة جدّاً من خلال وسائل التواصل، واتساع رقعة البث، فلم تعد القيم ذات مرجعية ثقافية اجتماعية، إذ حدث امتزاج كل الشعوب وظهرت كل المتناقضات على السطح.

هذا التشابك مكن الرذائل من أن يكون لها منبر يعبر فيه عن تلك الرذائل (التي ظلت محتفظة بمسماها عبر العصور)، ومع الانفتاح العالمي أخذ الناس في تقبّل ما لم يتم قبوله قبل هذا العصر أو على الأقل السماع به..

في البداية كنا نستنكر ثم توالت الأحداث والأخبار، فأخذ المجتمع يستقبل سماع ما يمور في كل نقطة في المعمورة.. ومع شدة الضخ غدونا نسمع ما لا يسمع، وهي النقطة التي أريد الحديث عنها فمهما كانت درجة الحرية الشخصية إلا أن هناك ضابطاً أخلاقياً يحمي الأطفال عمّا يقال ويبث، ولأن الحرية الشخصية تعنى وقوفها عندما تهتك حرية الآخرين نجد أن الغرب يضع تحذيراً مبكراً للأفلام والبرامج التي لا تتسق مع الفئات العمرية الصغرى وهو ما عرف بالتحذير فوق (+18)، إلا أن محطاتنا الفضائية لاتزال في حالة ارتباك وصل فيه الأمر لبث ما لا يقال، والآن تشاهد بثاً من أناس عديدين لا يقدرون ما الذي يجب قوله وما لا يجب قوله عندما يكون البث عاماً، ومن المفترض أن يتم تقدير مشاعر الناس باختلاف مستوياتهم الفكرية والأخلاقية.. وأصبحنا نشاهد حوارات تدور فيما كل ما لا يقال عن الإدمان والخيانات والتعري حتى أن المرء يستحي من كونه ضمن المشاهدين الذين يمررون كل تلك الكلمات من خلال أسماعهم، وفي قنوات هناك مسلسل مرمي على حبل الغسيل من غير تجفيف المشاهد أو الكلمات التي تقال، وهناك قناة تبث مسلسلاً يضع قضية المثلية والزنا واللواط كل هذا في سلة واحدة.. حرية البث لا تعنى إسقاط القيم الأخلاقية على الأقل التعامل بالمثل مع الرفض أو التأييد.. المشكلة أصبحنا في زمن كله صابون.